تمكين مجلس الإدارة: مسؤوليته التواصلية الجديدة مهمة للغاية
ست توصيات من منظور استراتيجية العلاقات العامة تدعم مجالس الإدارة. بقلم ستيفان أوهنStephan Oehen.
إذا حدث أن أصبحت شركة ما محط انتقاد الجمهور دون سابق إنذار، فعادة ما تكون أسباب ذلك محلية الصنع، مثل الإعلان عن تسريح الموظفين قبل موسم الأعياد أو العطلة الصيفية، وهو ما يعتبر مثالاً سلبياً في اتصالات الشركات. ففي سويسرا، وصلت شركةJohnson&Johnson، إحدى أكبر شركات الرعاية الصحية في العالم، إلى "القائمة الأفضل" هذا العام، على الرغم من أن 100 موظف فقط من أصل 5,500 موظف سويسري سيفقدون وظائفهم في عام 2025. وربما لم يكن قرار الإبلاغ عن خفض الوظائف قبل فترة وجيزة من عيد الميلاد 2024 عائداً إلى قسم الاتصالات.
وفي ألمانيا، تتصدر مجموعة فولكس فاجنVolkswagenالقائمة السلبية. فقد أعلنت الشركة عن عشرات الآلاف من عمليات التسريح في تشرين الأول 'ديسمبر'، وهو ما استخدمته النقابات العمالية في ألمانيا كمناورة سياسية. فهم يستغلون التأثير العاطفي للتهديد بتسريح العمال، لكسب تعاطف الرأي العام. لم تُحسم أزمة فولكس فاجن في ألمانيا حتى الآن، على الرغم من التوصل إلى اتفاق قبل فترة وجيزة من عيد الميلاد. مثل هكذا عملية تقوض مصداقية العلامة التجارية والشركة. من ناحية أخرى، ينبغي أن تبحر شركة جونسون آند جونسون في اتجاه آخر في مطلع العام وتخرج من دون أي ضرر لصورتها.
يختلف المثالان اختلافاً جوهرياً، لكنهما يثيران نفس الأسئلة: لماذا يدعم مجلس الإدارة مثل هذا التوقيت الإداري، ويقبل بأنه لا يمكن حتى لأفضل فريق اتصالات وأفضل الاستشاريين الخارجيين تفادي الضرر الذي يلحق بصورته؟
يمكن أن تختلف مسؤوليات مجلس الإدارة من بلد إلى آخر، كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية أو المملكة المتحدة أو ألمانيا أو سويسرا، من الناحية القانونية والتنظيمية والمؤسسية والثقافية. ومع ذلك، لديهم دور واحد مشترك وهو تحملهم المسؤولية النهائية عن الشركة نيابة عن المساهمين. وتشمل المهام الأساسية لمجلس الإدارة مراقبة الإدارة وتحديد الاتجاه الاستراتيجي للشركة.
وحاليّاً، تُظهر الممارسة الاستشارية أن التطورات في بيئة الشركات ووسائل الإعلام تؤدي إلى تحديات جديدة في مجال الاتصالات المؤسسية. وينطبق ذلك أيضاً على مجلس الإدارة ولجنته التنفيذية. وتؤيد هذه الملاحظة دراسة أكاديمية حديثة أجرتها ساندرا بيندر-تيتزSandra Binder-Tietzعلى مستوى مجلس الإشراف الألماني. حيث يتوقع أصحاب المصلحة معلومات شاملة ومحدثة فيما يتعلق بأنشطة مجلس الإدارة، وهذا لا يقتصر على حالات الأزمات فحسب. فبالإضافة إلى موضوعات حوكمة الشركات، من المتوقع أيضاً إجراء تقييمات شخصية كمضمون معلوماتي. لذلك يدعو مؤلف الدراسة إلى إجراء تعديلات على عملية التواصل تتجاوز المتطلبات القانونية لعلاقات المستثمرين والممارسات الوطنية النموذجية في حواراتهم. وباستخدام مثال المشهد المؤسسي الذي تم تحليله في ألمانيا، تدعو بيندر-تيتز على وجه التحديد إلى اتباع ما يلي: "من أجل التواصل الاحترافي من قبل رؤساء مجالس الإشراف، من الضروري أن تكون هناك مسؤولية واضحة عن إدارة اتصالاتهم".
إن تحديد الأدوار بهذه الطريقة يجعل عمل المسؤولين عن التواصل أسهل بكثير. فهم في وضع يمكنهم من تنفيذ تواصل أفضل بشأن الموضوعات ذات الصلة بمجلس الإدارة. وبنفس درجة الأهمية، يمكن أن يقلل ذلك من خطر تضارب الولاء مع الإدارة. وكما تبين الممارسات، غالباً ما تقف الإدارة ومجلس الإدارة في مواجهة بعضهما البعض، دون أن يقتصر الأمر على مجرد التواصل.
هذا الأمر مهم للشركات الصغيرة والمتوسطة أيضاً
تزداد أهمية الطلب على التواصل الواضح من مجلس الإدارة مع الإدارة، والمساهمين، والموظفين، في الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم. ففي المناطق الاقتصادية التي تتميز بالشركات الصغيرة والمتوسطة، مثل ألمانيا وسويسرا وأجزاء من العالم الأنجلوسكسوني، تتطور مجالس الإدارة منذ فترة طويلة أكثر فأكثر، لتصبح شريكاً لإدارة الشركة فيما يتعلق بالتواصل الداخلي والخارجي أيضاً. ومع ذلك، نادراً ما تتمتع مجالس الإدارة بإمكانية الوصول المباشر إلى موارد قسم الاتصالات. لكن يُعتبر التواصل في الأزمات استثناءً لهذه القاعدة. ففي إدارة الأزمات التي تتم إدارتها بشكل جيد، يقترب مجلس الإدارة والإدارة من بعضهما البعض، بحيث يكون التوزيع الواضح لأدوار الاتصال أمراً أساسياً.
وغالباً ما يرغب أولئك الذين يرافقون عمليات التغيير الصعبة في الشركات، بصفتهم مسؤولين عن الاتصالات أو كمسؤولين عن التواصل الخارجي، في الحصول على حليف على مستوى مجلس الإدارة. حيث يعتبر إضفاء الطابع الاحترافي على مجالس الإدارة سمة متكررة الحدوث. ولسوء الحظ، لا تزال الخبرة في أدوار التواصل التشغيلي تلعب دوراً ثانوياً كمعيار لمجلس الإدارة. وتُعتبر عضوة مجلس الإدارة السويسرية المحترفة لويزا ديلغادوLuisa Delgadoاستثناءً. فهي لا تتمتع بسنوات عديدة من الخبرة الدولية كرئيسة تنفيذية عالمية فحسب، بل شغلت أيضاً مناصب في مجال العلاقات العامة في السابق. ومن المرجح أن تستفيد مجموعة سواروفسكي الفاخرة للتكنولوجياSwarovskiومجموعة ايكياIKEAمن خبرتها في مجال الاتصالات. فهي رئيسة سواروفسكي، وعضو مجلس الإدارة على مستوى المجموعة في ايكيا. وتؤكّد دلغادو على أهمية الدور التواصلي لمجلس الإدارة، لا سيما فيما يتعلق بالمساهمين من أفراد العائلة.
فما الذي تعنيه هذه الملاحظات بالنسبة لممارسة الاتصال بشكل عام؟ في ضوء الروابط المتبادلة، من الصعب وضع قائمة بالمتطلبات. ومع ذلك، يمكن أن تكون الملاحظات التالية مفيدة لمجالس الإدارة وكذلك إدارات الاتصالات ومستشاريها الخارجيين، لتحسين إدارة الاتصالات على مستوى صنع القرار الاستراتيجي:
- في سياق زيادة إضفاء الطابع الشخصي على الحوار الاجتماعي، تضطلع مجالس الإدارة، ولا سيما رؤسائها، بدور مركزي جديد في جعل قرارات الشركات مرئية، وشفافة، ومفهومة، وبالتالي ذات مصداقية.
- إن الدور والنشاط الإيجابيين لمجلس الإدارة كهيئة أو رئيس مجلس إدارة، يدعمان اتصالات الشركات على جميع المستويات، في أوقات الأزمات وغيرها. وينطبق هذا على سبيل المثال على قابلية فهم القرارات في البيئة السياسية (الشؤون العامة)، والتأثير الدائم على سعر السهم (اتصالات الشركات وعلاقات المستثمرين) ومصداقية سلامة خط الإنتاج، على سبيل المثال (الاتصالات التسويقية).
- ينبغي مراجعة متطلبات تكوين مجلس الإدارة وفقاً لذلك. فإدماج الخبرة التّواصليّة في مجلس الإدارة أمر مفيد لجميع الأطراف المعنية.
- يمكن لخبرة الاتصالات المؤسسية داخل مجلس الإدارة أن تعزز دعم المساهمين في المواقف الصعبة، لأنها لا تسهل الحوار على "مستوى النظر" فحسب، بل تقلل أيضاً من بعض التبعيات بين مجلس الإدارة والإدارة.
- إذا لم يكن من الممكن ترسيخ خبرة الاتصال على مستوى مجلس الإدارة، فينبغي إشراك قسم الاتصالات المؤسسية بشكل أكبر. وفي هذه الحالة، من المستحسن تكليف مسؤول الاتصال المؤسسي بمسؤولية عملية "إدارة الاتصالات على مستوى مجلس الإدارة" و"إدارة الاتصالات الإدارية". أما في المؤسسات الأكبر حجماً، ينبغي تقسيم التنفيذ بين فرق مختلفة داخل قسم الاتصالات المؤسسية لأسباب تتعلق بالموارد.
- وبفضل استقلاليتهم، يمكن الاستعانة بالمستشارين الخارجيين بشكل أكثر تواتراً بدلاً من الاستعانة بهم في أوقات الأزمات فقط. فهم في وضع يسمح لهم بتنسيق التواصل الخارجي والداخلي لمجلس الإدارة وإدارة الشركة مع أصحاب المصلحة بشكل أفضل.
وإذا استطاع المدير التنفيذي أن يفتح نقاشاً حول الأدوار في مجلس الإدارة والإدارة، فمن المرجّح أن تكون احتمالات التعارض أقل من الفرص المتاحة للشركة، إذا ما استطاع مجلس إدارتها أن يتخذ نهجاً أقوى وأكثر استقلالية. كما هو الحال في تواصلهم الخاص.
سيكون من المثير للاهتمام أن نرى إلى أي مدى سيفي التدريب الإضافي لأعضاء مجلس الإدارة، الذي أصبح الآن ضرورياً للعديد من التعيينات في مجالس الإدارة - مثل دبلوم مدير مجلس الإدارة من كلية إدارة الأعمالIMDفي لوزانLausanne، أو دبلوم المدير غير التنفيذي من برنامج مدير مجلس الإدارة من فاينانشيال تايمزFinancial Times- بالمطالب المتزايدة على مهارات التواصل لأعضاء مجلس الإدارة في المستقبل. ومن المؤكد أن التبادل المؤسسي مع ممارسي الاتصالات المؤسسية سيكون إضافة مفيدة لصقل مهارات المتدربين في مجالس الإدارة.
المؤلف ستيفان أوهنStephan Oehen
ستيفان أوهن (56 عاماً) هو مستشار سويسري رائد استراتيجياً في مجال العلاقات العامة، وله سجل حافل على المستوى الدولي. كان عضواً في مجلس إدارة إحدى الشركات الصغيرة والمتوسطة الكبرى المدرجة في بورصة فرانكفورت، ثم رئيساً لمجلس إدارتها. وبصفته مستشاراً للأزمات، فهو يدعم بانتظام مجالس الإدارة في التغلب على الأزمات المتعلقة بالتواصل وتأمين استراتيجية الشركة في مجال الاتصال.
ترجمة وتدقيق صَبَا إبراهيم سعيد
تحذير واجب.
يرجى التواصل لطلب إذن الاستخدام:
info@ipra-ar.org
اخر المقالات








اخر الاخبار







