الشفافية ونقاط ضعفها



الشفافية ونقاط ضعفها:

يجب أن تكون الثقة هدف العلاقات العامة للحكومات ومنظمات المجتمع المدني والشركات.

تقع المسؤولية على عاتق ممارسي العلاقات العامة لتشجيع الشفافية في منظماتهم ولمقاومة الشفافية الزائفة.

بقلم العميد كركبيرغ و مارينا فوجنوفيك.

 لقد وفرت الشفافية من خلال الإنترنت والتطور السريع لوسائل التواصل الاجتماعي فرصاً غير مسبوقةٍ للاتصالات في كلا الاتجاهين والتفاعل والمشاركة. تساعد شفافية الحكومات ومنظمات المجتمع المدني والشركات على ضمان مصداقيتها وبالتالي تعزيز الثقة.

تضمن الشفافية المتزايدة للحكومات الديمقراطية مزيداً من المساءلة أمام مواطنيها، ومزيداً من الوضوح لمنظمات المجتمع المدني، ومزيداً من المسؤولية الاجتماعية للشركات. لكن تتواجد أيضاً الشفافية الزائفة في بيئات اليوم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية التي أضحت اليوم شفافة على نحو متزايد من خلال شبكة الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، في الوقت الذي يستغل فيه لاعبون اجتماعيون خفيون نقاط الضعف في هذه الشفافية.

اجتماعياً، تفضي الشفافية المجهولة والإلزامية إلى شفافية كاذبة تتسبب بإحداث الزيف والذي يؤدي بدوره إلى فقدان الثقة.

يوفر مكان العمل أمثلة عديدة كأصحاب العمل الذين يطالبون موظفيهم بالإعجاب بصفحات مؤسساتعم على موقع الفيس بوك، وهو ما يظهر على أنه تواصل طوعي لهؤلاء الموظفين مع أصدقائهم ومتابعيهم.

من المألوف أن يطالب أرباب العمل بكلمات سر أولئك الأشخاص الذين يبحثون عن عمل وذلك بغرض مراجعة فحوى وسائل الإعلام الاجتماعية الخاصة بهم. يمكن أن تصبح هواتف الموظفين الذكية وأجهزة التابليت شاشات إلكترونية بشفافية كاذبة على مدى 24 ساعة أسبوعياً مما يفسح المجال أمام شفافية مجهولة و/أو إلزامية.

من الممكن أن تصبح تكنولوجيا الاتصالات المصممة ظاهرياً لجعل الحياة أكثر سهولة وحرية أداة هجومية للتلاعب بالناس والسيطرة عليهم بصورة أكثر فاعلية. سياسياً، تسفر الخسارة الإلزامية للسلطة والنفوذ السياسيين لصالح لاعبين اجتماعيين مخفيين يمكنهم التلاعب خلسةً بالمعلومات إلى الشفافية الزائفة.

المعلومات المحرضة

يمكن تحميل ونشر المعلومات المباشرة والرخيصة والمحرضة التي قد لا تكون جديرة بالثقة والمصداقية مع عدم الكشف عن أصحابها. اقتصادياً، تسهم تأثيرات الشفافية الزائفة في استعباد الناس مالياً أماما تكنولوجيا الاتصالات التي أصبحت أمراً أساسياً لمشاركتهم في المجتمع. بكل تأكيد أصبحت الإنترنت طعاماً وشراباً لمضيعة الوقت والإدمان على وسائل إعلامها الاجتماعي جذب انتباه أرباب العمل القلقين على معدل إنتاجية موظفيهم ناهيك عن الآباء المهتمين بتعليم أبنائهم.

على الرغم من أن حملات التسويق لتكنولوجيا وخدمات الاتصالات قد تكون شفافة، فقد توجد الشفافية الزائفة في صنع القرار لتحديد اعتماد تكنولوجيا اتصالات جديدة. على سبيل المثال من خلال المؤسسات التعليمية حيث يتم تعليم الطلاب على استخدام تكنولوجيا اتصالات محددة ومن خلال خدمات تكنولوجيا المعلومات التي تختار ما التقنيات التي يمكن أن تدعمها أو لا.

وبالنتيجة، من الممكن ألا يتمكن المستهلكون من دمج التكنولوجيا في حياتهم بقدر ما يدمجون حياتهم بتكنولوجيا الاتصالات التي يفضلها لاعبوا الشفافية الكاذبة الاجتماعيون. تأثرت التغيرات الثقافية بالطريقة نفسها هذا إن لم يفرضها لاعبوا الشفافية الكاذبة الاجتماعيون.

        مقاومة الشفافية الكاذبة:

يتعين على ممارسي العلاقات العامة تشجيع الشفافية في منظماتهم ومكافحة الشفافية الكاذبة. ومع ذلك تبقى الشفافية غير كافية كهدف للعلاقات العامة، وخاصة في بيئة تكون فيها الشفافية ضمن بيئة فاسدة تتفشى فيها الشفافية الكاذبة. 

وعلى الأصح فالشفافية ذات قيمة للعلاقات العامة فقط إلى الحد الذي يتسبب بإحداث المصداقية والثقة، وهي مصداقية لا يمكن تحقيقها إلا من خلال الشفافية. يجب أن يسأل الممارسون عما إذا كانت مؤسستهم تعمل دون جدول أعمال خفي (وهنا الشفافية) وعما إذا كان أداء تلك المؤسسة يتسق مع رسالتها عن هذا الأداء (موثوقية/ صدقية)، والأهم من ذلك المصداقية لا يمكن أن توجد ضمن بيئة من الشفافية الكاذبة. 

ومع ذلك يجب أن تكون الثقة الهدف النهائي للعلاقات العامة للمؤسسة، والذي هو اعتقاد راسخ في صدقيتها. ويمكن أن توجد الثقة فقط عندما تكون مبنية على أساس الأصالة التي بدورها يمكن أن تتوافر فقط من خلال الشفافية.

 بالطبع يجب أن تكون الثقة مستحقة، لا يمكن أن تكون منتهكة وإلا فستكون تلك الثقة مفقودة. فقد أصبح العديد من المؤسسات شفافاً بشكل استباقي استجابةً لحاجة الجمهور الملحة في الحصول على معلومات صادقة، وردا على سهولة الحصول على ولوج بديل إلى المعلومات. وقد استخدمت هذه المؤسسات الشفافية لتؤكد مصداقيتها لجماهيرها. وهذه هي الصدقية التي تخلق الثقة.

 

الطريق إلى انعدام الثقة:

بالمقابل، الشفافية الكاذبة التي تستغل الشفافية تخلق الزيف الذي يولّد الارتياب. فالشفافية الكاذبة التي تستغل النفوذ السياسي في ظل ديمقراطية تتلاعب خلسةً بالمعلومات التي يعتمد عليها المواطنون، تتسبب بانعدام الثقة. 

أصبح الناس مستعبدين اقتصادياً  بسبب تكاليف مالية كبيرة نتيجة تكنولوجيا الاتصالات الجديدة المكلفة والتي أصبحت شرطاً للعيش في المجتمع الحديث، إن لم نضف إليها بشكل جزئي تأثيرات شبه الشفافية التي تدعو إلى عدم الثقة. فقد ينتج تأثيرات عن الشفافية المزيفة على القيم الثقافية  والتبادل الثقافي تؤذي المنظمات الشعبية فضلاً عن المجتمع برمته.    

 تزدهر شبه الشفافية رغم أننا في عهدة الشفافية الزائدة. ويجب أن يسعى ممارسو العلاقات العامة جاهدين لأجل شفافية مؤسستهم. مع ذلك، الشفافية لها قيمة فقط إلى الحد الذي تخلق فيه المصداقية التي هي أمر متيسر فقط من خلال الشفافية. لكن يجب أن تكون الثقة هدف العلاقات العامة في نهاية المطاف، وهو أمر ممكن فقط من خلال الصدقية. ويمكن التعبير عن هذا التقدم الخطي على هذا النحو:

شفافية، صحة، ثقة.

شفافية كاذبة، زيف، ارتياب.

  يجب على ممارسي العلاقات العامة في عصرنا الذي يتسم بالشفافية أن يتعرفوا على التقدم الخطي للشفافية والمصداقية والثقة وآخرها تلك التي يجب أن تكون هدف العلاقات العامة للحكومات ومنظمات المجتمع المدني والشركات.

 

 -      المرجع: استناداً إلى صحيفة:

فوجنوفيك، م. كركبيرغ، د. (آذار 2014). "الاستراتيجية الفوقية الوصفية" للعلاقات العامة. بحث "الشفافية" و "الشفافية الكاذبة" و "المصداقية" و "الثقة". دراسة قدّمت في المؤتمر السنوي الدولي السابع عشر لبحوث العلاقات العامة- ميامي، فلوريدا.

 -      حول المؤلفين:

العميد كركبيرغ، دكتوراه، معتمد في العلاقات العامة PRA، زميل جمعية العلاقات العامة الأمريكية PRSA، أستاذ في قسم الاتصالات في جامعة نورث كارولينا في شارلوت. شارك في تأليف كتاب "هذه هي العلاقات العامة": (واقع العلاقات العامة) و "العلاقات العامة والمجتمع": (نظرية إعادة بنائها). وهو مؤلف ومؤلف مشارك في العديد من فصول الكتب والمقالات الصحفية حول أخلاقيات العلاقات العامة الدولية وحول تداعيات تطور تكنولوجيا الاتصالات لممارسة العلاقات العامة.

 

مارينا فوجنوفيك، دكتوراه، مؤلفة "شَعر الأمة الطويل": (الصحافة)، (الجنس والحداثة في يوغوسلافيا ما بين الحربين) و شاركت في تأليف كتاب "الصحافة التشاركية": (حراسة الأبواب المفتوحة في الصحف على الإنترنت) وهي مؤلفة للعديد من فصول الكتب والمقالات في المجلات العلمية. تركز اهتمامات أبحاثها على الاتصالات الدولية وتدفق المعلومات على الصعيد العالمي، الاستكشافات للتأثير التاريخي والسياسي والاقتصادي والثقافي على وسائل الإعلام والطبقة الاجتماعية والجنس والعرق.

  ترجمة: غيدا ابراهيم

تحذير واجب : لا يجوز نشر من هذا المقال أو اختزان مادته بطريقة الاسترجاع أو نقله على أي نحو، أو بأي طريقة كانت (إلكترونية أو ميكانيكية) أو خلاف ذلك،دون ذكر المصدر بشكل واضح ودقيق. تحت طائلة المساءلة القانونية.

يرجى التواصل لطلب إذن الاستخدام :

info@ipra-ar.org

 

تابعنا :
آخر المقالات:
آخر الأخبار :