الثقافي و السياسي في تغطية الإعلام الأمريكي للمنطقة العربية و تأثيرها في السياسة الخارجية



د. مروان قبلان

2 من 2

البعد الثقافي في تغطية الإعلام الأمريكي

تعتبر التغطية الإعلامية الأمريكية للشؤونِ العربيةِ والإسلاميةِ سلبية عموماً. وتحاول النظريات الكلاسيكية تفسيرها على أنها إما انعكاس دقيق للسياسة الأمريكيةِ نحو هذه البلدانِ أَو كنتيجة لتأثير الإعلام على لسياسة الخارجية.

إن النَظْر إلى التغطية الإعلاميةِ الأمريكيةِ من منظور سياسي لا يقدم تفسيراً كاملاً لها. فهناك عيوب واضحة في النماذجِ الكلاسيكية التي تسعى لشرح هذه التغطية، فمن ناحية لا تستطيع أطروحة الاحتكار الإعلامي أن تفسر الموقف السلبي لوسائل الإعلام الأمريكية من بعض الحلفاء الأقرب للولايات المتّحدةَ في المنطقةِ، مثل السعودية، ومن ناحية أخرى لا تستطيع مدرسة السيان ان تفسير فشل الإعلام في التأثير على السياسة الأمريكية حيال العديد من القضايا الدولية. هذا النموذجِ الأخيرِ لا يُوضّحُ، على سبيل المثال، لماذا امتنعت الولايات المتّحدة عن التَدَخُّل في الحرب الأهليةِ الجزائريةِ لإيقاْف الأعمال الوحشية التي ارتكبت باسم الديمقراطيةِ رغم التغطية الواسعة والمستنكرة لوسائل الإعلام الأمريكيةِ أو عدم اكتراث واشنطن بالمعاناة الطويلة للشعب لشيشاني…الخ. باختصار، ان نظرية تأثير السي ان ان وأطروحة الاحتكار الإعلامي لا تكفي لتَوضيح التغطية الإعلاميةِ الأمريكيةِ وعلاقتِها بالسياسة الخارجيةِ في الشرق الأوسطِ. وعندما يتم تطبيق هاتين النظريتين على أحداث المنطقة، كما هو الحال دائماً، فان هذا التطبيق يتم بشكل انتقائي ولا يَخرج عن مقولة: “أن وسائل الإعلام إما أن تنتزع السياسة الخارجية من أيدي النخبةِ وتَفْتح الباب أمام جمهورِ قليلا لإطلاع للتأثير فيها أَو أنها تلتزم بدورها في خدمة وترويج التوجهات السياسية للنخبة الحاكمة”.

من الواضح انه لا يمكن التقليل من أهمية القوة و النفوذ - وهي العناصر الرئيسة لنظرية تأثير السي إن إن و أطروحة الاحتكار الإعلامي – لتفسير علاقة الإعلام بالسلطة، لكن هذه العناصر لا تستطيع وحدها شرح موقفَ وسائل الإعلام الأمريكيةِ من الشرق الأوسط، لِذلك، لابدّ من وجود عنصر آخر يتضمن التصورات الثقافيةِ التي يمكن باستكشافها أَنْ نعمق فَهْمنا للسياسة الأمريكيةِ في المنطقة والتغطية الإعلاميةِ لها كما يمكن ان تساعدنا في تَأسيس إطار نظري أكثر شمولية لفهم علاقة الإعلام بالسلطة في الولايات المتّحدةِ.

لمعظم فترة ما بَعْدَ الحرب الباردةِ جرى إهمال البعد الثقافيِ للتغطية الإعلامية الأمريكية بشكل كامل تقريبا بسبب تركز الاهتمام في تفسير العلاقة بين الإعلام والسلطة على عملية التفاعلِ بين القوى الداخليةِ وأجنحة السلطة المختلفة في بيئة ثقافية متجانسة نسبياً هي النظام السياسي الأمريكي في حين جرى إهمال تأثير العالمِ الخارجيِ بشكل كلي. ورغم أن بعض الدِراساتِ حاولت أن تأخذ البعد الثقافي بجدية في تحريها للعلاقةَ بين وسائل الإعلام والسياسة الخارجيةِ الأمريكيةِ إلا أن معظمها جاء خلال فترة الحرب الباردة وتناول العلاقات الأمريكية لإيرانيةَ.

ففي ردّ فعل فوري على التغطية الإعلاميةِ للثورةِ الإيرانيةِ وعملية احتجاز الرهائنِ في السفارةِ الأمريكيةِ في طهران، حاول إدوارد سعيدَ تَسْليط الضوء على تحامل وسائل الإعلام الأمريكيةِ على الإسلامِ والمسلمين لكنه فشل في رسم خط واضح بين السياسي والثقافيَ في التغطية الإعلاميةِ الأمريكيةِ للثورةِ الإيرانيةِ. فاعتقد ان المنظور الثقافي الذي استخدمته وسائل الإعلام الأمريكية لتغطية الأحداثِ الإيرانيةِ هو مرآة للسياسة الأمريكية اتجاه الثورة والمعبرة عن مصالح اقتصادية واستراتيجية متجاهلا انه في الوقت الذي كانت فيه وسائل الإعلام تَنتقدُ النظامَ الثوريَ فيطهران، كانت الحكومة الأمريكية تُحاولُ، في القول والعملِ، التَقليل من حدة المواجهة وإنشاء قنوات اتصال مع حكومة الخميني. و هذا إن دل على شيء فعلى أن سعيد لم يكن مُهتَمّْا بدِراسَة وسائل الإعلام الأمريكيةِ بذاتها إنما في إقامة البرهان على صحة أطروحته المتميزةِ عن الاستشراق حيث أسس فيها لمفهوم ثقافي مستند إلى الأبعادِ السياسيةِ و الاقتصادية للقوَّة وذلك لفَهْم العلاقةِ بين ‘الشرقِ’ و’الغربِ’.

و في دراسة أخرى أعدها دورمان و فرهانغ و احتل مفهوم الاستشراق مكانة القلب فيها، تناول المُؤلفانُ التغطية الإعلامية الأمريكيةَ لإيران بين عامي 1951-1978  و قسّموا دراستهم إلى خمس مراحلِ رئيسةِ حسب التَطَوّرات التي شهدتها إيران بدءا بصعود مصدق و انتهاء بسقوطِ الشاهِ. وبعد تفَحْص محتوى بَعْض الصُحُفِ الأمريكيةِ الرئيسةِ، استنتج المُؤلفان أنّ التغطية الصحفيةِ الأمريكيةِ كانت تتغير طبقاً لتغيرِ سياسةِ واشنطن تجاه طهران.........ورغم قوة هذه الدراسة وشموليتها إلا إنها عانت نقاط ضعف رئيسة. أولاً: أن نتائجها جاءت متناقضة مع فرضياتها والتي جاء فيها أنه إذا كان الإعلام لا يقود السياسة الخارجية والدفاعية في أمريكا فانه في جوانب مهمة يساعد على وضع الأطر العامة لهذه السياسة. وعندما أراد المؤلفان توضيح هذا القول أشاروا إلى ان الإعلام قادر على تشكيل تصوراتنا عن ‘الآخرينِ’ ” كما يساعد على خْلقُ مزاج عامّ بين الجمهورِ من خلال ترسيخ مجموعة مُعَمَّمة ومبهمة مِنْ الاعتقادات والمفاهيم والسياقات التي تساعد بدورها على نشر أفكار ضمن حدود لا يمكن في كثير من الأحيان تجاوزها أو القفز عليها. ان الوظيفة التربوية لأجهزةِ الإعلام في حقلِ الشؤون الخارجيةِ يُمْكِنُ أَنْ تُؤثّرَ على الجمهور الذي قَدْ يَضْغط بدوره على صانع القرار لانتهاج سياسة معينة. هنا يكمن التناقض في أطروحة دورمان و فرهانغ فإذا كانت التغطية الإعلامية الأمريكيةِ لإيران تمكنت من تعميم أفكار معينة عن إيران و إذا كان الإعلام قادر على التأثير في كل من الجمهور والنخبة، فان القارئ يَجِدُ نفسه في حيرة من النتائج التي خلصوا إليها و هي أن التغطية الإعلامية الأمريكيةِ لإيران كانت تتغير طبقاً للتغيرِ في سياسةِ واشنطن اتجاه طهران و ليس العكس. ثانيا، إذا تتبعنا الأفكار الرئيسة لهذه الدراسة نجد أن المؤلفين على قناعة بان الأفكار المشوهة عن إيران خصوصاً في عهد مصدق كَانتْ شائعة في الأوساط الإعلامية والسياسية على حد سواء. يستشف من ذلك أن الأفكار المشوهة هي التي قادتْ السياسة الخارجية الأمريكيةَ اتجاه إيران خلال هذه الفترةِ. وإذا كان هذا الادعاء صحيحا فانه يُمْكِنُ أَن يفسرَ السياسة الأمريكيةَ نحو إيران في نهاية عهد مصدق وليس في بدايته عندما دَعمتْ الولايات المتّحدةَ الزعيمَ الإيراني سياسيا وماليا.

الدراستان الأخريان اللتان تناولتا الثقافةَ كعامل مهم في توجيه السياسة الخارجيةِ الأمريكية خلال الحرب الباردةِ وتأثيرِها على أجهزةِ الإعلام هما دراستي ماري آن هيس وجون فوران. هيس لم تكن مهتمة بالتغطية الإعلامية بحد ذاتها لِذلك، فان قضية القوَّةِ والتأثيرِ في التفاعلِ بين المؤسستين (السياسة الخارجية والإعلام) لم تكن محل اهتمامِ. ركّزتْ هيس، بدلاً مِن ذلك، على العوامل البنيويةِ للسياسة الأمريكيةِ نحو إيران في ظل حكم مصدق. تفَحصت هيس السجلات الدبلوماسية الأمريكية والبريطانية في عهد مصدق وخرجت بنتيجة متوافقة إلى حد كبير مع ما قاله إدوارد سعيد في الاستشراق. رأت هيسان آراء المسؤولين الأمريكان والبريطانيين تجاه مصدق كانت محكومة إلى حد كبير بالتصوّراتِ السائدةِ في الصحافةِ الأمريكيةِ حول الزعيمِ الإيرانيِ. “لقد استخدم صانع القرار الأمريكي و البريطاني الأفكار الشائعةِ عن الشرق في تعاملهم مع مصدّق”. لكن هيس لم تتمكن من التوصل إلى استنتاج قاطع حول ما إذا كانت هذه الأفكار أَثّرتْ علىَ السياسة الأمريكيةِ نحو الزعيمِ الإيرانيِ. وللخروج من الطريق المسدودِ الذي وصلت إليه، كتبت هيس: “لا نَستطيعُ القَول، على سبيل المثال، ان تلك الأفكار قادتْ بشكل آلي إلى الانقلاب الذي أطاح َبمصدّق … لكن هذا لا يَعْني ِأَنَّ تلك الأفكار ِكَانتْ غير مهمة. على العكس، كانت هذه الأفكار جزء منَ السياق العامِ الذي صاغَ تفكير المسؤولين الأمريكيين والبريطانيين”. إذا اتفقنا على أَنَّ هذه الأفكار هي التي حكمت السياسةِ الأمريكية فضلا عن التغطية الإعلامية لعهد مصدق نجد ان هيس أخفقتَ في الإجابة على السؤالين الرئيسيين التاليينِ. أولاً، أين كانت هذه الأفكار في بداية عهد مصدق؟ ثانيا، لِماذا لَمْ تستخدم هذه الأفكار حتى أواخر عام 1952 عندما بدأت الإدارة الأمريكية ترى في مصدق عبئا عليها بدل أن يكون حليفا لها؟

رؤية مختلفة
يختلفَ جون فوران عن كُلّ الدِراسات السابقة في تناوله للسياسة الأمريكية اتجاه إيران مصدق في ادعائه بأن الإعلام هو الذي قاد السياسة الأمريكيةَ نحو إيران وساعد على تَحويلها من مؤيدة لمصدق إلى معادية له. الصحافةساهمتَ في صنع السياسة الخارجية الأمريكيةِ اتجاه إيران كما ان تأثيرها على صُنّاع القرار كان أكبر بكثير مما يعتقد الكثيرون”. لدعم ادعائه هذا ركّز فورانَ على التغطية الإعلامية لمجلة التايم التي وقفت حسب قوله خارج الإجماع الذي حكم سياسة واشنطن الخارجيةِ فعارضت السياسة التصالحية تجاه الزعيمِ الإيراني وساعدت على تغييرها، إن المنطق الذي حكم العلاقات الأمريكية الإيرانيةَ بحسب فوران اعتمد على تصوّراتِ ثقافية ساهم في تشكيلها الاقتصاد السياسيِ للنفطِ والمصالح الجيوسياسية وقد ساعدت التايم على تغيير هذه السياسة بثلاثة طرقِ. أولاً، بتصويرها مصدق على انه زعيم ديماغوجي، مُتعصّب وطفولي، أثارت التايم قلق واشنطن من نوايا الزعيمِ الإيراني كما غذت المخاوف من احتمال تحول إيران إلى الشيوعيةِ. ثانيا، من خلال انتقادها الدائمِ لسياسة إدارة ترومان التصالحية اتجاه مصدق. ثالثا، ادعى فوران ان التايم لعبت دورا فاعلا في إسقاط إدارةِ ترومان وانتخاب إدارة جمهورية أكثر عدوانية اتجاه مصدق. فوران لم يتمكن على أية حال من حل لغز تغير التغطية الصحفية لمجلة التايم التي كانت باعتراف فوران نفسه تنظر إلى مصدق على انه زعيم وطني صاحب فكر ليبرالي في بداية عهدِه إلى مُتعصّبِ لاعقلانيِ في مرحلة لاحقة. إضافة إلى ذلك فقد تجاهل فوران احتمال ان تكون التغطية الصحفية لمجلة التايم تغيرت بسبب تغير السياسة الأمريكية اتجاه مصدق، ثم ما إذا كان مصدق حقا قضية مهمة في انتخابات عام 1952 في الولايات المتحدة.

كل ذلك يبين أن الدِراسات التي كانت واعية لدورِ التصوّراتِ الثقافية ِفي التغطية الإعلامية الأمريكيةِ للشرق الأوسطِ، أخفقتَ في رسم خطوط واضحةِ بين القضايا السياسةِ والتصوّراتِ الثقافيةِ. لقد سَقط المفكرون في هذا الفخِّ لأنهم لم يَستطيعوا التمييز بين الرابطةِ الأيديولوجيةِ التي شدت الإعلام بقوة إلى السياسة الخارجية لأكثر من أربعين عاماً وقضية الثقافة المترسخة في الإعلام الأمريكي. خلال فترة الحرب الباردةِ كانت الرابطة الأيديولوجية المتغير المستقلَ في حين كانت التصوّراتَ الثقافية مجرد تابع لها. لقد كان الصراع مَع الاتحاد السوفيتي العامل المركزي الذي يحدد السياسة الخارجية ومعها التغطية الإعلامية في حين استخدمت التصورات الثقافة فقط عندما كانت تخدم القضية المركزية. وهذا ما يفسر تصوير وسائل الإعلام للإيرانيين أثناء الثورة بالمتعصبين في حين جرى تصوير المقاتلين الإسلاميين في أفغانستان خلال الغزو السوفيتي كدعاة حرية وتحرر. وعندما تلاشت الرابطة الأيديولوجية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وقع الطلاق بين أجهزةِ الإعلام والسياسة الخارجية على الأقل في منطقة الشرق الأوسط. لقد أصبحتْ التصوّراتُ الثقافيةُ الدين الرسمي لوسائلِ الإعلام في حين ظلت البراغماتية السياسية تطغى على عمل الحكومة الأمريكية.

صناعة القبول حقيقة أم وهم
وابتغاء للدقة في فهم العلاقة بين التغطية الإعلامية والسياسة الخارجية الأمريكية لا بد من الإشارة إلى أن وسائل الإعلام الأمريكية تجد أن دَعْم سياسة الحكومةَ الخارجيةِ تكون أكثر يسرا إذا كانت هذه السياسة منسجمة مع القيم الثقافيةِ الأمريكية – الرأسمالية، العلمانية والليبرالية. هنا تتداخل المصالح الوطنية بالقيم الثقافية ويسهل على وسائل الإعلام لعب دورَ صناعة القبول اعتمادا على المبرر الأخلاقي لتوجيه السياسة الخارجيةِ. أثناء الحرب الباردةِ، وبوجودِ الإجماعِ على معاداةِ الشيوعية، لم تجد وسائل الإعلام صعوبةِ في لعب هذا الدور حيث كانت وسائل الإعلام تقّيم السياسة الخارجية بمدى قدرتها على تحقيق المصلحة العليا للأمةِ وهي هَزيمة الشيوعيةِ. بعد انتهاء الحرب الباردة وانهيار الإجماعِ على معاداةِ الشيوعيةِ أَصْبَحَ لعب هذا الدور أكثر صعوبة. فقد اخذ الانهيار السريع وُالمثيرُ لدول الكتلةِ الشرقيةِ دوائر النخبة الحاكمة ووسائل الإعلام على حين غرة ودخلت السياسة الخارجية الأمريكية في حالة مِنْ الفوضى بعد ان عجز صانع القرار الأمريكي عن تحديد دورَ وأهدافَ الولايات المتّحدةِ في فترة ما بَعْدَ الحرب الباردةِ. “فالنظام العالمي الجديد” الذي أعلنهَ الرّئيس ِبوش بعد حرب الخليجِ 1991 لم يَستطع الصمود طويلا بعد ان تجاوزته الأحداثِ الإقليميةِ والدوليةِ. لقد فقد الإعلام وصُنّاع القرار الأرضية الصلبة التي جمعتهم لأكثر من 40 عاما وحدث الفصام في الشرق الأوسط مع اتجاه الإعلام إلى بعث التصورات الثقافية القديمة التي همشتها الحرب الباردة بغاياتها الاستراتيجية، هذا في الوقت الذي احتفظ فيه صانع القرار بأولوياته المحكومة بالاعتبارات السياسية، الإستراتيجيةِ والاقتصادية.

لقد حاول دارسو الإعلام ونقاده حَلّ لغزِ علاقة الإعلام بالسلطة والسياسة الخارجية لسَنَوات طويلة، على الأقل منذ حرب فيتنام، إلا أن تفسيرها اليوم لا يبدو أكثر وضوحا منه في أي وقت مضى. ولا يعود ذلك إلى وجود مشكلة في المنهج أو قصور في الجهد إنما في الطبيعةُ المُحَيِّرةُ للموضوعِ. إن علاقة الإعلام بالسلطة ظاهرة تشمل عواملِ محليةِ وخارجية متعددةِ، لِذلك، يصعب تفسيرها من خلال نظرية واحدة ، و من خلال التركيز على أطروحة تأثير السي إن إنَ / صناعة القبول يتبين لنا أنّ النظريات التي تركز على علاقات القوَّةِ والتأثيرِ المحددة بعوامل داخلية غير قادرة على تفسير التغطية الإعلاميةِ وعلاقتِها بالسياسة الأمريكيةِ في الشرق الأوسطِ، من هنا تنبع الحاجة إلى النظر في موضوع البعد الثقافي الذي يأخذ بعين الاعتبار العوامل الداخلية و الخارجية على السواء في محاولة لردم الهوة فيفهم علاقة الإعلام بالسلطة و قدرة كل منهما على التأثير في الآخر فيما يخص منطقة الشرق الأوسط على وجه التحديدِ.

هناك ما يكفي من الأدلة لدعم الادعاء بان الإعلام الأمريكي استخدم خلال فترة الحرب الباردةِ أداة لحشد الدعم المحليِ والدوليِ ضدّ الشيوعيةِ.  لكن ومع اختفاء الإجماعِ على معاداةِ الشيوعية مع انتهاء الحرب الباردة، تراخت قبضة صانع القرار على وسائل الإعلامّ، هنا تَقدّمتْ الاختلافات الثقافيةَ لمَلْئ الفراغِ و َأْخذُ مركز الصدارة في تقرير طبيعة ونوع التغطية الإعلامية. هذا لا يعني بالطبع أن وسائل الإعلام أصبحت أكثر قدرة على تَوجيه عملية اتخاذ القرارِ، كما يقترح أصحاب نظرية تأثيرِ السي إنإنَ. كُلّ ما هنالك آن وسائل الإعلام أخذت تخط لنفسها منهجا أكثر استقلالية في علاقتها بصاحب القرار وهذا المنهج محدد بتصوّراتِ ثقافيةِ تعمل وسائل الإعلام من خلال التأكيد عليها التأثير في صانع القرار بشكل مباشر أو من خلال تعبئة الرأي العام وتشكيله.

  نهاية المقال

تحذير واجب .

لا يحق نشر أي جزء من منشورات ميديا & PR، أو اختزان مادته بطريقة الاسترجاع، أو نقله على أي نحو، سواء إلكترونياً أو ميكانيكياً أو خلاف ذلك دون الاشارة الى المصدر، تحت طائلة المساءلة القانونية.

يرجى التواصل لطلب إذن الاستخدام :

info@ipra-ar.org

 

 info@sia-sy.net

 

 

 

 


تابعنا :
آخر المقالات:
آخر الأخبار :