الآراء الموثوقة: ظهور المؤثّرين من غير المشاهير



يتمتّع العديد من المؤثّرين من غير المشاهير بمستويات مشاركةٍ أعلى مقارنةً بنظرائهم من المشاهير. بقلم إد فوينتس Edd Fuentes

 

ارتبط التّأثير لسنواتٍ عديدةٍ قبل عصر وسائل التّواصل الاجتماعي تقليديّاً بنجوم السّينما والرّياضيّين وعارضي الأزياء. ومنذ بضع سنواتٍ، أصبحت كلمة مؤثّر على وسائل التّواصل الاجتماعيّ مجرّد كلمةٍ عابرة، حيث وجدت الشّخصيات الشّهيرة في مجال الموضة وأسلوب الحياة - والطّامحين - أنفسهم فجأةً تحت الأضواء، وأصبحوا موضع ثناء، وتعرّضوا من دون شك للذّم بسبب تباهيهم بمكانتهم الجّديدة شبه المشهورة.

واليوم، لا تكتمل أيّ حملةٍ تسويقيّةٍ بدون إشراك المؤثّرين أو "قادة الرّأي الرّئيسيّين" كما يُشار إلى العديد منهم بشكلٍ أكثر احتراماً، بوصفهم جزءاً من مزيج العلاقات العامّة/ التّسويق.

 

ظهور المؤثّرين من غير المشاهير

ومع ذلك، هناك اتّجاهٌ جديدٌ يعيد تشكيل المشهد: ظهور المؤثّرين من غير المشاهير. هؤلاء الأفراد هم أشخاصٌ عاديّون جمعوا متابعين مخلصين على منصّاتٍ مثل فيسبوك وإنستغرام ويوتيوب وتيك توك. وفي حين تمكّن العديد منهم من زيادة مئات الآلاف من المتابعين، إلّا أنّ هناك مؤثّرين يندرجون ضمن فئتي النانو والميكرو الّذين يبلغ عدد متابعيهم أقلّ من 10 آلاف و50 ألف متابع في كلتا الفئتين على التّوالي. ومع ذلك، لاحظ أنّ عدد متابعيهم المنخفض نسبيّاً لا يجعلهم أقلّ تأثيراً.

 

الأمر كلّه يتعلّق بالأصالة

أحد الأسباب الرّئيسيّة وراء تزايد شعبيّة المؤثّرين غير المشاهير هو المصداقيّة. فهم يميلون إلى التّواصل الحقيقيّ مع جمهورهم. حيث يراهم المتابعون على أنّهم "توتوونج تاو" (أشخاص حقيقيّون)، بدلاً من المشاهير البعيدين، ممّا يؤدّي إلى مستوياتٍ أعلى من المشاركة والتّفاعل.

خذ على سبيل المثال حالة مدوّنة الفيديو الفلبّينيّة الشّهيرة "مرسيدس لاساك" الّتي تقف وراء مدوّنات كا مانجيان. تنحدر هذه الشّابة من ميندورو أورينتال، وهي مقاطعةٌ في جزيرة ميندورو، جنوب غرب مانيلا. واستناداً إلى اسم صفحتها، فهي تنتمي إلى قبيلة مانجيان الّتي هي من السّكان الأصليّين لمقاطعة ميندورو. لا يوجد شيءٌ خياليٌّ أو غير عاديٍّ في مقاطع الفيديو العديدة الّتي تنشرها في مدوّنتها المصوّرة الّتي تدور بشكلٍ أساسيٍّ حول الحياة الرّيفيّة البسيطة، بدءاً من الطّهي المنزلي والحياة الرّيفيّة وصولاً إلى حياتها العائليّة. ومع ذلك فقد جذبت هذه الحياة "العاديّة" الّتي تشاركها مع مشاهديها أكثر من سبعة ملايين متابعٍ على فيسبوك وحده!

ومن الأمثلة الأخرى المثيرة للاهتمام مدوّنة الفيديو الّتي تقف وراء حساب الآنسة "جينبيلوغ" الّتي انتشر أوّل فيديو لها وهي تشرب زجاجةً كاملةً من الكحول في جلسةٍ واحدة، ممّا أكسبها ملايين المتابعين الّذين لا يزالون يتفاعلون مع فيديوهاتها المضحكة عن حياتها اليوميّة ومغامراتها في شرب الخمر. قد يجادل المرء بأنّ شعبيّتها الآن تضعها في مصاف المشاهير، لكنّ فيديوهاتها لا تزال تعكس " بساطة" أسلوب حياتها حيث لا تزال تُشاهَد وهي تستقّل الدرّاجة ثلاثيّة العجلات وتأكل في مطاعم الحيّ وتعيش حياتها العاديّة. لكن لاحظ أنّه في الأشهر الأخيرة، تمّ التّعاقد معها بانتظامٍ من قبل إحدى العلامات التّجاريّة المحلّية الكبرى في مجال مشروبات الكحول للظّهور في فعّالياتهم، كما ظهرت كضيفةٍ في عددٍ من البرامج التّلفزيونيّة، حتّى أنّها تظهر في لوحةٍ إعلانيّةٍ تروّج فيها لأحد منتجات التّجميل!

 

"الخبرة" المتخصّصة

هناك عاملٌ آخر يغذّي صعود المؤثّرين غير المشاهير وهو خبراتهم المتخصّصة. فقد قام العديد من المؤثّرين الصّغار بتجميع متابعيهم من خلال التّركيز على موضوعاتٍ أو اهتماماتٍ محدّدة، مثل الموضة أو الجمال أو اللّياقة البدنيّة أو السّفر أو التّمويل الشّخصي والاستثمار.  على سبيل المثال، ربّما لم تسمع من قبل عن المؤثّرة الشّابة تيكتوك الّتي تقف وراء @ready2adultph، ولكنّ معرفتها العميقة وشغفها بكلّ ما يتعلّق بالكبار - من العيش بمفردها إلى إنشاء مصادر دخلٍ متعدّدة - تلقى صدىً لدى آلاف المتابعين الّذين يتابعونها على وسائل التّواصل الاجتماعي. وبالتّالي، فإنّ العلامات التّجاريّة الّتي تروّج للاستثمارات وأنماط الحياة المستدامة تتعاون معها بمحض إرادتها كجزءٍ من حملاتها.

قد يرجع السّبب الرّئيسيّ في ذلك إلى صغر قاعدة متابعيهم، ولكنّ معظم المؤثّرين غير المشاهير غالباً ما يتمتّعون بمستوياتٍ أعلى من المشاركة مقارنةً بنظرائهم من المشاهير. فهم يتفاعلون مع متابعيهم بانتظام، ويردّون على التّعليقات، ويشاركون قصصهم الشّخصية، ويقدّمون رؤىً قيّمة.

 

إضفاء الطّابع الدّيمقراطي على المشهد

لقد أدّى ظهور المؤثّرين من غير المشاهير إلى إضفاء الطّابع الدّيمقراطيّ على مشهد التّسويق المؤثّر. فقبل بضع سنوات، عملنا مع علامةٍ تجاريّةٍ محلّية لتصميم الملابس المخصّصة للأطفال. ونظراً لميزانيّتها المحدودة، أوصينا بإشراك المؤثّرين من الأمّهات الصّغيرات والمؤثّرين من غير المشاهير لخلق الوعي بمجموعتهم الأولى. وبفضل هؤلاء المؤثّرين الموثوق بهم من غير المشاهير، تمكّنت هذه العلامة التّجاريّة من خلق ضجّةٍ على مواقع التّواصل الاجتماعيّ والاستمرار في بيع آلاف القطع عبر الإنترنت، بجزءٍ بسيطٍ ممّا يكلّفه عادةً أحد المؤثّرين المشاهير.

وقد ساهمت عمليّة التحوّل الدّيمقراطيّ هذه في تحقيق تكافؤ الفرص، ممّا مكّن العلامات التّجاريّة الأصغر حجماً من منافسة العلامات التّجاريّة الأكثر شهرةً والوصول إلى جمهورها المستهدف بفعّالية، دون إنفاق ملايين البيزوات.

كما يوفّر المؤثّرون من غير المشاهير للعلامات التّجاريّة الفرصة للاستفادة من الأسواق المتخصّصة والتّفاعل مع الجّماهير المستهدفة بشكلٍ كبير. وسواءً كان الأمر يتعلّق بشراء/ بيع السّيارات المستعملة، أو القيام برحلاتٍ على الدّراجات النّاريّة أو ديكور المنزل الّذي يتمّ صنعه بالاعتماد على النفس، فهناك مؤثّرٌ لكلّ مجالٍ يمكنك تخيّله تقريباً.

من الواضح أنّ الشّعبيّة المتزايدة للمؤثّرين من غير المشاهير تمثّل تحوّلاً كبيراً في مشهد التّسويق لدى المؤثّرين. بالتّأكيد، هم ليسوا من المشاهير. وقد تكون قاعدة متابعيهم مجرّد ذرّةٍ مقارنة بالمؤثّرين الكبار. ولكن لا ينبغي التّقليل من قدرتهم على التّأثير. وكما يمكن القول إنّ الاتّجاهات الأخيرة تثبت ذلك، ربّما لن يمرّ وقتٌ طويلّ قبل أن يتخلّوا عن وضعهم كغير مشهورين، ويرتقوا إلى مستويات نجوم وسائل التّواصل الاجتماعيّ الباهظة الثّمن.

 

(نُشر هذا المقال لأوّل مرةٍ في مرآة الأعمال في الفلبّين).

 

المؤلّف إد فوينتس Edd Fuentes

إد فوينتس هو مؤسّس ورئيس شركة فوينتس مانيلا، إحدى وكالات العلاقات العامّة الرّائدة في الفلبّين. وهو عضوٌ في مجلس إدارة IPRA.

 

https://www.ipra.org/news/itle/itl-586-authentic-voices-the-rise-of-non-celebrity-influencers/

 

ترجمة وتدقيق صَبَا إبراهيم سعيد

 

تحذير واجب.

 
لا يحق نشر أي جزء من منشورات ميديا & PR، أو اختزان مادته بطريقة الاسترجاع، أو نقله على أي نحو، سواء إلكترونياً أو ميكانيكياً أو خلاف ذلك دون الاشارة الى المصدر، تحت طائلة المساءلة القانونية
 

يرجى التواصل لطلب إذن الاستخدام:

info@ipra-ar.org

 


تابعنا :
آخر المقالات:
آخر الأخبار :