غاية العلامة التجارية: علاقات مستمرة مع المستهلك



مقال قادة الفكر في إيبرا #213

بوب غروف

رئيس قسم العملاء والعمليات في "إدلمان" عن منطقة آسيا والمحيط الهادئ والشرق الأوسط وإفريقيا.

ترجمة: عنان تللو

 

كيف يمكن للعلامات التجارية بناء علاقاتٍ عميقة ومستمرة مع جمهورها المستهدف؟ وما هو القاسم المشترك بين العلامات التجارية التي تتمتع بعلاقات قوية مع المستهلكين؟

تركت الضوضاء التي تسببت بها الأحداث السياسية خلال الأشهر القليلة الماضية، ومسبباتها وكيف أو لماذا فاز دونالد ترامب بالرئاسة، خلفيةً مشوّشة للعلامات التجارية والمسوّقين الذين يسعود باستمرار لبناء مشاركة مع المستهلكين الحاليين والمحتملين.

وتصدت العلامات التجارية لفترةٍ أطول من السياسيين، لتجزئة وسائل الإعلام وما نتج عنها من انخفاض تأثير الإعلانتعد الانتخابات والاستفتاءات والفضائح ذات قيمة إخبارية في حد ذاتها. ومن ناحية أخرى، ليس لدى العلامات التجارية الحق في كسب الاهتمام، وهي تتنافس عادةً في حقل أكثر ازدحاماً من الخيارات الثنائية التي تقدمها السياسة.

ومع ذلك، فإن النية متشابهة إلى حدٍ ما. تبحث العلامات التجارية عن مستهلكين لشراء منتجاتهم، وليكونوا أولياء لهم، ويدافعوا عنهم. إن الوصول، والتفاعلات، والمشاركة، والتي للأسف غالباً ما تهيمن على السوق، أكبر دليل على سعي المستهلكين للحصول على التزام المستهلكين، وهو ذاك الالتزام الذي يتجاوز الوعي قصير المدى أو الشراء لمرة واحدة، ليصبح علاقةً دائمة.

ويقيس "مؤشر إدلمان لعلاقات العلامات التجارية" قوة هذا الالتزام بين العلامات التجارية والمستهلكين بحيث يغطّي 18 فئة من العلامات التجارية حول 13 بلداً و 13 ألف مستهلك. ويوفر المسح نظرةً ثاقبة إلى الإجراءات التي سيتخذها المستهلكون نيابةً عن العلامات التجارية المفضلة لديهم، ويحدد الأمور التي تقوي علاقة المستهلكين بالعلامة التجارية في سبعة محاور، هي:

بوجهة نظرك، ما مدى نجاح هذه العلامة التجارية في:

  1. بناء الثقة عند كل نقطة اتصال؟ 
  2. صناعة شهرتها؟
  3. الدعوة للمشاركة وتشجيع الشراكات؟
  4. تجسيد سمعة فريدة من نوعها؟
  5. إخبار قصة مميزة وبارزة؟
  6. التصرّف على أساس غايةٍ معيّن؟
  7. الانفتاح للاستماع والاختيار عند الرد؟

في الاستطلاع، اختار المشاركون علامتهم التجارية المفضلة التي يشترون منتجاتها عادةً -- وتشمل القطاعات السفر، والسلع الفاخرة، والعناية الشخصية، وبطاقات الائتمان، والأدوية المتاحة دون وصفة -- ومن ثم قاموا بتقييمها بناءً على الأسئلة السبعة المذكورة أعلاه. ونتج عن هذا مجموع مؤشر علاقة العلامة التجارية كمتوسط للمحاور السبعة.

وبلغ المتوسط العالمي للعلامات التجارية المفضلة لدى المشاركين 38 من 100. وتم تصنيف طيف علاقات العلامة التجارية إلى مستويات مختلفة بهدف تحديد شعور المستهلكين تجاهها.

http://ipra-ar.org/assets/grocery_crud/texteditor/ckeditor/kcfinder/uploads/images/455.jpg

وكانت المجاميع متشابهة لكافة الدول، حيث حققت الصين والهند أعلى مجموعين وهما 54 و52 على التوالي. وتعكس مجاميع الصين والهند التحوّل الهائل خلال السنوات الأخيرة إلى مجتمعٍ أكثر استهلاكاً مع تغيّر النسيج الاجتماعي والاقتصادي لهذين البلدين. وبسبب البروز السريع والكبير للطبقة الوسطى في كلا البلدين، باتت العلامات التجارية ذات أهمية كبيرة في تحديد هوية الأشخاص.

ولفت المشاركون في الاستطلاع إلى دوافع التواصل التي تعزز علاقاتهم بالعلامات التجارية. على سبيل المثال، يمكن التواصل مع أولئك الذين هم ضمن مراحل "غير مبالٍ" و"مهتم" من خلال استراتيجيات الإعلام المدفوع لزيادة الوعي.

 أما المستهلكون في مرحلتي "مستثمرو"ملتزم" من علاقتهم بالعلامة التجارية، فكانوا أكثر تاثراً بوسائل إعلام الند للند (peer-to-peer) ووسائل الإعلام المكتسبة (وسائل الإعلام الحرة). على سبيل المثال، أظهرت وسائل إعلام الند للند تقدماً بنسبة 7 نقاط على الإعلام المدفوع بالنسبة للمستهلكين في مرحلة "ملتزم".

 هل من المهم أن يكون المستهلكون ملتزمين؟ أظهرت الدراسة أن المستهلكين الملتزمين من المحتمل بشكل كبير أن يشتروا بانتظام، كما أنهم يدفعون أكثر من غيرهم، ويدافعون عن العلامة التجارية ويدعمونها. وهذه الفوائد واضحة وملموسة بالنسبة لتكلفة الاستحواذ والإيرادات لأي خبير تسويق. واستناداً إلى هذه الحقيقة الواضحة إلى حدٍّ ما، فإنه من المحبط أن العديد من العلامات التجارية اليوم لا تزال تعتمد في المقام الأول على استراتيجية مدفوعة يدعمها محتوى غير جذاب عبر وسائل الإعلام الاجتماعي.

وصل عددٌ قليل من العلامات التجارية إلى مرحلة الالتزام في علاقتها مع المستهلكين. وحققت وسائل التواصل الاجتماعي والعلامات التجارية للسيارات أعلى نسبة من العملاء الملتزمين (17% و14% على التوالي). أما الأدوية المتاحة دون وصفة، فحصلت على النسبة الأقل من المستهلكين الملتزمين وهي 8% فقط. ورغم أن هذه الأرقام قد تبدو هزيلة، إلا أنها تثبت أن بناء علاقاتٍ أعمق مع المستهلكين أمرٌ يمكن تحقيقه للعلامات التجارية من اي فئة.

وتتميّز العلامات التجارية التي وصلت إلى هذا الإنجاز العظيم بالأفعال الحقيقية والملموسة التي تربطها بالمستهلكين. وتعتمد هذه العلامات التجارية بشكل أكبر على التفاعل بين التفاعل المبني على الند للند، بدلاً من وسائل الإعلام المدفوعةوبالتأكيد، لديهم مزيج من الاثنين معاً، لكن توصياتهم المبنية على الند للند تدفعها أساليب القص الجيدة والإبداعية، وذلك ممكن لأنهم جيدون في الاستماع إلى عملائهم. يجب أن يكون الاستماع حقيقياً، بدل تكرار الردود المعتادة مثل "شكراً لتعليقاتكم".

القيم المشتركة

وربما الأهم من كل ذلك، هو أن العلامات التجارية التي حققت "الالتزام" يربطها بالمستهلكين قيم مشتركة، وغالباً ما يعني هذا أنهم يعملون من أجل مصلحة المجتمع. وبالمثل، قد يكون الأمر مرتبطاً بنقاط شغفٍ أخرى هامة بالنسبة لبعض المستهلكين، رغم أن ذلك قد يتسبب بظهور تحدياتٍ تتخطى نطاق المجموعة المتقاربة، ومن السهل تكراره في نماذج أعمال النسخ السريع في السوق اليوم. دون الحجم، يزدهر على المدى الطويل عدد قليل من العلامات التجارية، كالابتكار، فأحدث الأمور أو نماذج الأعمال التخريبية تجعلها معرضة للخطر.

ولذلك، فإن مصلحة المجتمع، أو غاية العلامة التجارية، بالنسبة للعلامات التجارية "الملتزمة"، تميل للوقوف بثبات. إن غاية العلامة التجارية تصل إلى ما هو أبعد من المسؤولية المجتمعية للشركات، وتعد جزءاً لا يتجزّأ من رؤية ورسالة الشركة. يجب أن تكون أصيلة وصادقة في طريقة عملها كمشروع وفي كيفية تواصلها. ولا يجب أن تكون قصيرة الأجل، بل ينبغي أن يكون لها أثر حقيقي في عالم الأعمال. وأظهرت دراسة العلامة التجارية المكتسبة المذكورة آنفاً، أن 62% من المستهلكين لن يشتروا منتجات شركة لا تفي بالتزاماتها تجاه المستهلكين والمجتمع.

وبصفتنا خبراء تسويق أو تواصل، أمامنا الكثير من العمل، رغم أن هذه التسميات نفسها غير واضحة إلى حد ما في يومنا هذا. ويمكن الوصول إلى علاقة مع المستهلك تندرج تحت فئة "مستثمر" أو حتى "ملتزم" إذا قررت العلامات التجارية والشركات بالفعل رفع علاقاتها مع المستهلكين لتتجاوز نتائج المبيعات القصيرة الأجل، والمكتسبة من خلال التسويق المدفوع بالحركة أو وسائل الإعلام المدفوعة.

أما بالنسبة للسياسيين، فربما اكتشفوا أن الرسائل البسيطة التي تتصل مباشرةً بمواطنيهم فعالة لوقتٍ قصير، لكن الوفاء بوعودهم سيكون صعباً. وستعيش العلامات التجارية التي تفهم كيفية الفوز بالتزام المستهلكين لفترةٍ أطول بكثير من السياسيين.

تحذير واجب .

لا يحق نشر أي جزء من منشورات ميديا & PR، أو اختزان مادته بطريقة الاسترجاع، أو نقله على أي نحو، سواء إلكترونياً أو ميكانيكياً أو خلاف ذلك دون الاشارة الى المصدر، تحت طائلة المساءلة القانونية.

 

يرجى التواصل لطلب إذن الاستخدام :

info@ipra-ar.org

 

 info@sia-sy.net

 

 

 


تابعنا :