التحوّل إلى استراتيجيي أعمال: حان الوقت لإعادة شحذ مهنة العلاقات العامة



لارس-أولا نوردكفيست

مستشار رئيسي في العلاقات العامة والاتصال المؤسسي، والرئيس التنفيذي بالنيابة والشريك المؤسس في "Comvision AB" في ستوكهولم، السويد. يتمتع بخبرة دولية تمتد 35 عاماً في مجال الصحافة والعلاقات العامة والاتصالات الاستراتيجية، وهو أمين مجلس إدارة وكالة العلاقات العامة المستقلة، التحالف العالمي للعلاقات العامة "PRWA". وهو عضو سابق في مجلس إدارة "Public Relations Agencies" في السويد، وهو عضو في لجنة تحكيم الجائزة السويدية الكبرى للعلاقات العامة منذ عام 2011.

 ترجمة: عنان تللو

 

بات مشهد الاتصالات (أو التواصل) يتحوّل بسرعة وبشكلٍ ملحوظ، وأصبحت احتياجات العملاء أكثر تعقيداً. لكنّ هذه التغييرات الكبيرة أتاحت الفرصة أمام ممارسي العلاقات العامة لإعادة تعريف أنفسهم كمستثمرين في المبيعات والتسويق والتواصل.

لارس-أولا نوردكفيست

 

قد يكون من المؤلم بالنسبة للبعض أن يغيروا عقلياتهم والنهج التي يتبعونها في العلاقات العامة، لكنّ التحوّل الذي يحصل اليوم في قطاع التواصل قد يكون أفضل وأهم فرصة لتحسين موقعنا في مهنة العلاقات العامة.

ويمكن لهذا التحدي أن يدعم ممارسي العلاقات العامة وعملاءهم بالمصداقية والقيم المضافة، لكنه أيضاً سيضعنا تحت ضغطٍ هائل. نحن بحاجةٍ إلى إعادة تعريف مهنتنا، وتوسيع مجالاتنا، والانفتاح على العالم الرقمي الجديد، بما فيه الإعلام، والتسويق، والمبيعات، وبناء العلامات التجارية. إن مهنتنا تنادي بإعادة شحذها.

ومع ازدياد التعقيد في مشهد التواصل، أصبح هاماً جداً بالنسبة لأقسام المبيعات والتسويق أن توائم جهودها وتندمج مع خبراء التواصل - وبالعكس.

أنعشت التطورات المبتكرة والمستمرة في عالم الأدوات الرقمية المخصصة للإعلان والمبيعات، بالإضافة للاستخدام الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت في كل من الأعمال للأعمال (B2B) والأعمال للمستهلك (B2C)، فهمنا لقضايا وتحديات جديدة، مثل:

  • التعقيد المرافق لتجاوز فقاعات الفلترة - أي البحث المخصص والمبني على خوارزميات معيّنة وبيانات المستخدمين - ومن ثم التعرف على دورات حياة المستهلكين وسلوكهم.
  • الاحتمالات الجديدة التي تأتي مع الاستهداف المكثّف والبيانات الضخمة.
  • متابعة الكميات الهائلة من مواد اتصالات متراكمة وبيانات المستخدمين.

 

تحويل خبير العلاقات العامة إلى خبير استراتيجي للأعمال

تكمن إعادة تعريف دور خبير العلاقات العامة الحديث في تحويله من خبير تواصل إلى خبير استراتيجي للأعمال. 

  • تحتاج أقسام التواصل، والمبيعات، والتسويق لفهم أهداف العمل الشاملة بشكلٍ واضح، ودمج الإجراءات والتعاون بدرجةٍ غير مسبوقة.
  • لابدّ وأن يكون الستويق على صلة وثيقة باستراتيجيات المبيعات بهدف مضاعفة أثر كل جهد مبذول.
  • لابدّ وأن تبدأ المبيعات بفهم القيمة التي تقدمها الاتصالات الحديثة، لاسيما قدرتها على توفير فرص تجارية قيّمة.
  • على قطاع التواصل تعزيز دوره ليصبح استراتيجياً ويحوّل أهداف الأعمال إلى خطط متكاملة وقابلة للتطبيق للمبيعات والتسويق والاتصال.

ومن خلال اتباع هذا النهج، يمكننا بذكاء مساعدة عملائنا لرؤية الصورة الأكبر، "لماذا نفعل ما نفعله، وما الذي سيقدمه؟"

إن الحاجة إلى مهنة العلاقات العامة الجديدة هذه، والتي ستضيف كفاءةً جديدة وتنعش دور العلاقات العامة التقليدية، تتطور بفعل الثورة الديمقراطية التي جلبتها وسائل التواصل الاجتماعي إلى عالم الاتصالات - سواءً أعجبنا هذا أم لا. وهي اليوم توسع نطاق الاتصالات الاستراتيجية، وتعمّق قدرتنا على الإنصات إلى احتياجات المستهلكين في السوق، وتساعدنا على فهم واستخدام آليات الشراء بشكلٍ أفضل.

والجزء الأكثر إثارةً هو أننا بصفتنا ممارسي علاقات عامة، لابدّ وأن نكون مطلعين على العديد من التخصصات. علينا أن نكون متمكنين من العلاقات العامة التقليدية، والمبيعات، والتسويق، وحملات الإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي، وذكاء الأعمال، بالإضافة لأن نكون قادرين على المزج بينها واستغلالها.

 

هل أنتم مستعدون لمتطلبات أعلى للعلاقات العامة؟

كل هذا ترافقه تحديات جديدة مبنية على القيمة العامة. وكما جاء في كتاب روبرت فيليبس، "ثق بي، فالعلاقات العامة ماتت"، لابدّ وأن نفهم أيضاً النماذج الجديدة والصعبة للقيادة العامة ومقاييس المساءلة الجديدة. وتتميز القيادة العامة بكونها منتَجة بشكل مشترك، ومتمحورة حول المواطنين، وتضع المجتمع أولاً، وهي نوع من الديمقراطية الاجتماعية التي تعيد "الهدف" إلى قلب الأعمال وتسلط الضوء على الثقة، والتي تعد مسألةً جوهرية.

هل نحن مستعدون للتحول إلى هذه المتطلبات العليا والمفروضة علينا في قطاع العلاقات العامة، وفي استراتيجيات المبيعات والتسويق، والاتصالات الرقمية، والقيادة العامة؟ جميعها تأتي مع مخاطر، لكنها أيضاً تأتي مع تقديرٍ عالٍ.

ما زلنا بحاجة للحفاظ على مستوىً عالٍ في العلاقات العامة التقليدية، وتعلّم كيفية تفسير ووضع استراتيجيات واضحة، وتحديد أهداف التواصل بحيث تعمل المؤسسة بأكملها لتحقيق نفس الأهداف. من الضروري أن يصبح المحتوى أكثر ملاءمة للمستهلك، ونحتاج لأن نكون مواكبين للتغييرات ليس فقط من خلال رسائل المنتج، لكن طوال قصة العلامة التجارية.

تغيّر العلاقات العامة المتحوّلة مفرداتنا وتركيزنا، من المجموعات المستهدفة التقليدية ورسائل الشركات، إلى: 1) شخصيات - أوصاف شخصيات المستهلكين الفردية التي تهم عملاءنا. 2) آلام واحتياجات هؤلاء الأفراد - ما هي اهتماماتهم؟ وكيف يؤثر ذلك على حياتهم؟ 3) المكاسب - إذا كنا نستطيع المساعدة في حل مشكلاتهم، فما هي القيمة الذي يجلبه ذلك إلى حياتهم؟ 

ويمكن أن نلخّص هذه الأفكار في القيمة المقترحة (عرض القيمة): ما هي القيم التي يمكن أن يجلبها العميل ومنتجاته أو أو خدماته للعملاء؟ كيف يمكن لهذا تحسين حياة العملاء؟ من خلال تعريف العميل أو المشتري المحتمل كشخص، والتواصل عبر وسائل الإعلام الاجتماعي، يمكننا معرفة المزيد حول كيفية إيصال مقترحات عملائنا - بدل نقل الرسائل إلى مجموعات مستهدفة.

 

قصص مقنعة وملايين الأصوات

لطالما كانت رواية قصة مقنعة وجذابة محور العلاقات العامة وإدارة السمعة، بحيث يتم نقل هذه القصة من خلال الكلمات، ونبرة الصوت، ووسائل الإعلام، والمؤثرين، والفيديو و/ أو غيرها من الوسائل. ونستخدم شبكة الإنترنت - ووسائل الإعلام التقليدية - لخلق محتوىً مثير للاهتمام، وجذب الأفراد والجماهير بما يناسب الشخصيات لدينا.

لابدّ وأن نعتمد اليوم على رؤى ومقترحات المؤثرين، والصحفيين، والمدوّنين، وقادة الفكر، وأسماء أخرى على وسائل التواصل الاجتماعي الذين يملكون عشرات أو مئات آلاف وأحياناً ملايين المتابعين وأصوات الرأي - لا على رؤى ومقترحات المؤيدين من طرف ثالث، فهذه المدرسة قديمة. علينا أن نركّز على أصوات الذين أصبحوا مؤثرين على قرارات المستهلكين، لأنهم يبدو أنهم يشتركون في نفس القيم، كقارئ ومستهلك.

من الضروري أن نفهم الأجيال الجديدة بشكل أفضل ونتكيّف مع تغيّر عاداتهم الاستهلاكية تجاه وسائل الإعلام. هناك سبب يجعل الوسائط المطبوعة تفقد القراء. يفضّل المستهلكون الأصغر سناً متابعة "يوتيوب"، و"سناب شات"، و"إنستجرام"، و"نتفليكس"، بدل قراءة الصحف والمجلات المطبوعة. يختارون نوع المحتوى الذي يريدون أن يجذبهم. ووفقاً لـ"BCG 2016" و"Ooyale 2016"، من المتوقع أن يزيد استخدام الفيديو عبر الإنترنت وتحديداً على الهاتف المحمول 2,084% خلال السنوات الخمس القادمة. وفي عام 2018، 80% من استهلاك وسائل الإعلام سيكون من خلال الفيديو على الإنترنت من خلال الهاتف المحمول.

 

العلاقات العامة والتسويق والمبيعات تتدفق معاً

هذا هو المكان الذي تتدفق فيه العلاقات العامة والتسويق والمبياعت، مدفوعة بعمليات التواصل، معاً.

يساعد النهج الجديد للعلاقات العامة، والمعاد شحذه أو صياغته، عملاءنا على بيع المزيد وأن تكونوا أكثر مصداقية. وهذا يوضح قدرة الشركة العميلة على الاستماع والفهم والمشاركة، ما يساعد على تعزيز علامتهم التجارية دون شك.

وفي الوقت نفسه، فإن الشركات والعلامات التجارية التي تحاول سلوك طرقٍ مختصرة، يعاملون عملاءهم بطريقةٍ سيئة، أو أنهم لا يمارسون القيادة الاجتماعية، وبالتالي قد يواجهون سخط الجمهور، وربما تتم إدانتهم. وهذا سيؤذي سمعتهم وأسماءهم التجارية.

بناء العلامة التجارية هو الوجه الآخر لهذه العملة. نحن بحاجة لأن نفهم أي نوع من الشركات والمنتجات يحب عملاؤنا وأيها يكرهون. نحن بحاجة إلى مشاركة، وليس فقط قراءة أو الاستماع إلى المحادثات التي تجري على وسائل التواصل الاجتماعي. لابدّ وأن ننخرط في اهتمامات الناس والجمهور والمجتمعات والأفراد ونبني العلاقات معهم. هذا السلوك هام جداً بالنسبة للرأي العام ويميّز العلاقات العامة الجديدة عن القديمة، والعلامات التجارية المثيرة للاهتمام عن العلامات التجارية المملة، والتواصل الحديث عن التقليدي.

تحذير واجب .

لا يحق نشر أي جزء من منشورات ميديا & PR، أو اختزان مادته بطريقة الاسترجاع، أو نقله على أي نحو، سواء إلكترونياً أو ميكانيكياً أو خلاف ذلك دون الاشارة الى المصدر، تحت طائلة المساءلة القانونية.

 

يرجى التواصل لطلب إذن الاستخدام :

info@ipra-ar.org

 

 info@sia-sy.net

 

 

 


تابعنا :
آخر المقالات:
آخر الأخبار :