ما بين الاحتراق الوظيفي والعمل المفرط، ما هو المعني الحقيقي لـ"موظفونا أولاً"؟



نيكي جيمس

الشريك المالك والمدير في "تريبيكا للعلاقات العامة" (Tribeca Public Relations)

ترجمة: عنان تللو

 

للأسف، يميل موظفون في الكثير من الشركات للبقاء في مكان العمل إلى وقتٍ متأخر على نحوٍ منتظم، لكن الموظفين المجهدين الذين يعملون فوق طاقتهم لن يفيدوا العمل كثيراً.

نيكي جيمس

 

ستقول الكثير من شركات القطاع الخاص، بما فيها وكالات العلاقات العامة، لموظفيها الحاليين والمحتملين، أنّ "الناس هم أصولنا الأعلى قيمة" و"موظفونا أولاً". لكن الغريب هو أننا ننسى عدد الموظفين المحتملين الذين نجري مقابلاتٍ معهم ويخبروننا بأنّ كل ما يريدونه هو الانتقال إلى وكالة جديدة لأنهم يعانون من الاحتراق الوظيفي، ويشعرون بأنهم يتم استغلالهم، ولا يعيشون أيّ توازن بين عملهم وحياتهم المهنية. 

أحياناً يكون الأمر واضحاً لدرجة أنهم لا يحتاجون لإخبارنا: يجلسون على الطاولة مستنفدين ومنهكين تماماً بسبب استمرارهم في العمل لساعاتٍ طويلة خلال الليل وحضورهم الاجتماعات الكثيرة في الصباح الباكر. ولا ننسَ طبعاً ضغوط عائلاتهم، وأزواجهم، وأصدقائهم، حتى يلاحظوا في نهاية المطاف أن في الحياة ما هو أكثر من أن يكونوا عبيداً لوكالة.

وأنا أؤمن أن الحياة أكبر بكثير من العمل بين 10 و18 ساعة كل يوم، كما أؤمن أن الوكالات التي تتيح ساعات العمل الطويلة هذه كقاعدة لا كاستثناء، إنما تستغل موظفيها بالكامل، دون الاكتراث بأي شيء إلا بتحقيق أرباحٍ هائلة. في الحياة ما هو أهم بكثير من الفوز في السباق الخيالي "أنا أكثر شخصٍ مشغولٍ في العالم"، والتي نلحظها كثيراً في تعليقات الزملاء على وسائل التواصل الاجتماعي.

 

موظفون مجهدون أكثر من اللازم، يعملون ساعاتٍ طويلة

لا تستفيد الوكالة شيئاً عندما يكون موظفوها مجهدين بشكلٍ مفرط وهم يحاولون تسليم عملهم والإيفاء بالوعود الكبيرة التي أُعطيت للعملاء، على أمل تحقيق الإيرادات الهائلة المستهدفة. إن الوكالات التي تفعل هذا سوف تخسر على المدى البعيد - وستفشل بسبب سمعتها السيئة داخل القطاع، وخسارة العملاء الذين تعبوا من تسلّم عملٍ دون المستوى من استشاريين منهكين ومستنفدين، بالإضافة إلى خسارتها لخبراتٍ مؤسسية واستشارية بسبب دوران الموظفين.

إنّ ضرر ارتفاع معدل دوران الموظفين لا يقتصر على تكبيد الشركات فواتير متكررة من وكلاء التوظيف، بل تخبرنا الكثير عن ثقافة الشركة. قد يُعجَب العملاء بادئ الأمر بأن فريقهم يعمل طيلة اليوم لتقديم المنتجات، لكن هل سيستمر هذا الإعجاب عندما يتعرفون على مدير حسابهم الرابع خلال العام الواحد؟

في الحقيقة، بعضٌ من نجاحاتنا في عالم الأعمال نتجت عن تحوّل العملاء من وكالة إلى أخرى بسبب ارتفاع معدّل دوران الاستشاريين في فريقهم، بالرغم من محبتهم للوكالة والعمل الذي تقدّمه.

 

سياسة التوظيف لدينا

لدينا في شركة "تريبيكا" سياسة صارمة لتوظيف الأشخاص قبل الفوز بالعمل، إذ أننا نفضّل الاستثمار في بناء القدرات قبل أي شيء. ونتيجةً لهذا، فإن موظفينا ليسو عرضةً لتخفيض النفقات في حال خسرنا أحد العملاء، بل إننا نتمسّك بهم حتى نتمكّن من سد ثغراتٍ في العمل. وبالتأكيد ليس هذا ما اعتاده القطاع.

كما ونستخدم الجداول الزمنية لدينا كمصدر لمعلومات الأعمال، وليس مجرد آلية للفوترة. ويُظهر لنا أيّ وقت إضافي يتم تسجيله إذا ما كنا نقدّم الخدمات بشكلٍ مفرط لعملائنا، أو أننا لا نملك عدداً كافياً من الموظفين. وبمجرد أن نحدد المشكلة الأساسية، نقوم بتصحيحها وحلها - إما عن طريق التوظيف أو إدارة الخدمة الزائدة بشكلٍ استباقيّ.

 

استثناء، لا قاعدة

لابدّ وأن أقرّ بأنه ستكون هناك فتراتٌ مجهدة، حيث ينبغي علينا أن نعمل لساعاتٍ إضافية كي نلبّي عملاءنا، لكن هذا استثناء، وتعوّض "تريبيكا" مستشاريها عن هذا الوقت الذي منحوها إياه. لا نتوقّع من موظفينا العمل لساعاتٍ إضافية، ولا يقلّ شأن زملائنا الذين يغادرون العمل نهاية ساعات الدوام الرسمية. وأرى أن ساعات العمل الإضافية مشكلة حقيقة في عالم الأعمال، نتم عن عدم اكتراث بوقت الزملاء الشخصي.

لقد التزمنا بسياسة "موظفونا أولاً" منذ أن فتحت "تريبيكا" أبوابها عام 2006. لم ننمُ بسرعة كبيرة كما فعل غيرنا من الوكالات، إلا أننا ننمو باستدامة، ونبني علاقاتٍ طويلة الأمد مع موظفينا وعملائنا. ونحن فخورون جداً بأنه بإمكاننا كأرباب عمل وموظفين أن نتوقف عن العمل نهاية اليوم ونقضي وقتاً ممتعاً مع عائلاتنا وأصدقائنا.

ويشهد لنا على كل هذا تقرير "هولمز" لأفضل خمس وكالات يمكن العمل لديها في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا للعامين الماضيين. هذا الاستبيان الذي تجريه "هولمز"، يطلب من الموظفين توضيح آرائهم حول الوكالة التي يعملون لديها، بما في ذلك أخلاقيات الإدارة، وجودة التطوّر المهني، والتمكين، والمخاطرة، والتعويضات.

في الحياة السريعة التي نعيشها، نبقى ملتزمين بالتأكيد لكل من ينضم إلينا أنه رغم عملنا بجد، إلا أننا نحقق التوازن بين العمل والحياة بالتأكيد. نحن نتحدى القطاع أن يسعى للأمر نفسه.

 

تحذير واجب .

لا يحق نشر أي جزء من منشورات ميديا & PR، أو اختزان مادته بطريقة الاسترجاع، أو نقله على أي نحو، سواء إلكترونياً أو ميكانيكياً أو خلاف ذلك دون الاشارة الى المصدر، تحت طائلة المساءلة القانونية.

يرجى التواصل لطلب إذن الاستخدام :

info@ipra-ar.org

 

 info@sia-sy.net

 
 

تابعنا :
آخر المقالات:
آخر الأخبار :