أن يتمَّ تقديركَ بشكلٍ صحيح: لماذا يحتاجُ موظّفو العلاقاتِ العامّةِ إلى تغييرِ سلوكهم



.يجبُ أن يتحوّلَ قطاعُ العلاقاتِ العامّةِ منَ التّركيزِ على ما نقومُ بهِ إلى نتائجِ الأعمالِ والتّأثيرِ وعائدِ الاستثمارِ الّذي يهمُّ الرّئيسَ التّنفيذي

Crispin Manners بقلمِ كريسبين مانِرز

 

 أكتبُ هذا المقالَ لأنّني أرى أشخاصاً رائعينَ في مجالِ العلاقاتِ العامّة، سواءً داخلَ الشّركةِ أو الوكالة، يحقّقونَ المعجزاتِ لمؤسّساتهم كلَّ يومٍ - ولا يحصلونَ على التّقديرِ أو المكافآتِ الّتي يستحقّونها.

السّببُ في ذلكَ بسيط. فعلى مدى العقودِ القليلةِ الماضية، قامَ موظّفو العلاقاتِ العامّةِ بتدريبِ أنفسهم وعملائهم وزملائهم على التّركيزِ على النّشاطِ أكثرَ منَ النّتائج، وعلى الوقتِ بدلاً منَ القيمة. وهذا خطأٌ كبير لأنّهُ قوّضَ الطّريقةَ الّتي يُنظرُ بها إلى العلاقاتِ العامّةِ ومحترفيها.

وحسبما أعتقد، يمثّلُ التّحوّلُ إلى التّركيزِ على القيمة التّحوّلَ المزلزلَ الّذي تحتاجهُ العلاقاتُ العامّةُ من أجلِ البقاءِ والازدهار.

وهناكَ العديدُ منَ الأسبابِ لذلك، لكنّني أودُّ تسليطَ الضّوءِ على أهمِّ استنتاجٍ من تقريرِ استطلاعِ الرّؤساءِ التّنفيذيّينَ لشركةِ PWC لهذا العام: حيثُ يعتقدُ أربعونَ في المئةِ من الرّؤساءِ التّنفيذيّينَ على مستوى العالمِ أنَّ مؤسّساتهم لن تكونَ قابلةً للحياةِ اقتصاديًا في غضونِ عشرِ سنوات، هذا إذا استمرّت في مسارها الحالي. ويشجّعنا هؤلاءِ الرّؤساءُ التّنفيذيّونَ جميعًا على التّطوّرِ أو مواجهةِ الانقراض.

كما أنّنا كلَّ يومٍ نتّخذُ خياراتٍ تؤثّرُ على الطّريقةِ الّتي يُنظرُ بها إلينا. والمشكلةُ هي أنَّ العديدَ من هذهِ الاختياراتِ يتمُّ اتّخاذها تلقائيًّا، أو دونَ وعي، بناءً على الطّريقةِ الّتي كنّا نقومُ بها بالأشياءِ دائماً. لكنَّ العالمَ يتغيّرُ من حولنا، وقد حانَ الوقتُ لاتّخاذِ بعضِ الاختياراتِ الواعيةِ الّتي من شأنها توفيرُ مستقبلٍ أكثرَ إشراقاً.

PWC) ، برايس ووتر هاوس كوبرز إنترناشيونال المحدودة هي علامةٌ تجاريّةٌ متعدّدةُ الجنسيات للخدماتِ المهنيّة. تجمعُ بينَ البراعةِ البشريّة والخبرةِ والتّكنولوجيا والمنتجات لمساعدةِ المؤسّساتِ على بناءِ الثّقةِ وتقديمِ خدماتٍ مستدامة. تُعتبر ثاني أكبرَ شبكةِ خدماتٍ احترافيّةٍ في العالم، وواحدةً من شركاتِ المحاسبةِ الأربعِ الكبرى إلى جانب Deloitte وEY وKPMG.)

 

لماذا لا يتمُّ تقديرُ موظّفي العلاقاتِ العامّةِ بالطّريقةِ الّتي تستحقُّ مساهمتهم الحقيقيّة؟

تكمنُ الإجابةُ في مقولةِ ستيفن كوفي Stephen Covey: "ما الأهمّيّةُ في مقدارِ ما نفعلهُ، إذا لم يكن ما نفعلهُ هوَ ما يهمُّ أكثر". وبسببِ التّركيزِ على النّشاطِ أكثرَ منَ النّتائج، فإنَّ الكثيرَ ممّا يفعلهُ موظّفو العلاقاتِ العامّةِ ببساطةٍ لا يهمّ. وهذا الأمرُ هو الّذي يبدو أكثرَ أهمّيةً بالنّسبةِ لمنظّماتهم.

والأسبابُ الجّذريةُ تكمنُ في:

  • عدمِ الرّغبةِ في ضمانِ النّتائج.
  • الشعورُ بأنَّ مساهمتنا ليست ذاتَ قيمة، لأنّنا لسنا المساهمَ الوحيدَ في النّتيجة.
  • الاعتقادُ بأنَّ ما نقومُ بهِ غيرُ متبلورٍ لدرجةِ أنّنا لا نستطيعُ حسابَ قيمته.

 

وفي ضوءِ هذهِ العواملِ الثّلاثة، ليسَ منَ المستغربِ ألّا يُنظرَ إلينا بشكلٍ إيجابيٍّ كما ينبغي.

 

إذاً، ما الّذي يبحثُ عنهُ الأشخاصُ الّذينَ لديهم حقُّ النّقضِ على ما إذا كانت ميزانيّةُ العلاقاتِ العامّةِ موجودةً أم لا، في عالمِ اليومِ المتقلّب؟ الجّوابُ هنا بسيط،  فهم يريدونَ قدرًا أكبرَ منَ اليقينِ في تحقيقِ أهدافهم. ويريدونَ اليقينَ بتحقيقِ عائدٍ صحيٍّ على الاستثمارِ من كلِّ ما يفعلونه. كما إنّهم يفضّلونَ عدمَ القيامِ بأيِّ شيءٍ بدلًا من المخاطرةِ بإهدارِ الوقتِ والمال على أنشطةٍ لا يمكنها إظهارُ السّببِ والنّتيجةِ مقدَّمًا - وهو ضمانٌ للنّجاحِ إذا أردت. ومنَ الواضحِ أنَّ هذا الموقفَ يمثّلُ تهديداً لقطاعٍ غيرِ راغبٍ في ضمانِ أيِّ شيء.

 

وفي حالِ سألَ أحدُ المديرينَ التّنفيذيينَ عنِ القيمةِ الّتي تحصلُ عليها المنظّمةُ منَ الأموالِ الّتي تنفقها على فريقِ العلاقاتِ العامّة، أو على وكالةِ العلاقاتِ العامّةِ، فمنَ المرجّحِ أن تكونَ الاستجابةُ الطّبيعيّةُ قائمةً على النّشاط - مثلَ حصولنا على بعضِ التّغطيةِ الصّحفيّةِ الرّائعة. لكنّها ليست سوى خطوةً نحو شيءٍ أعلى قيمةً مثلَ مساعدةِ المنظّمةِ على النّمو، وهذا ما ينبغي أن تكونَ عليهِ الإجابة. أمّا الاستجاباتُ القائمةُ على النّشاطِ فهيَ غيرُ مفيدة، لاسيّما الآن. إنّها تزيدُ من حالةِ الشّكِ، في وقتٍ يتمُّ فيهِ البحثُ عن مزيدٍ منَ اليقين.

 

وقبلَ أن نمضي قُدُمًا، أريدُ التّأكيدَ على أنَّ التّحوّلَ إلى القيمةِ ليسَ تغييرًا بسيطًا. إنّهُ يمثّلُ تحوّلًا سلوكيًّا كبيرًا سيستغرقُ وقتًا ليصبحَ طبيعةً ثانية.

 

وهناكَ عددٌ منَ الكلماتِ الرّئيسيةِ الّتي تُعتبرُ أساسيّةً لإجراءِ هذا التّحوّل. وهي تشمل:

 

  • النّتائج - الانتقالُ منَ التّركيزِ على ما تفعلهُ إلى لماذا وكيفَ تفعلهُ.
  • المساهمة - تحديدُ المكانِ الّذي تساهمُ فيهِ في تحقيقِ النّتيجة ولماذا يعدُّ ذلكَ أفضلَ منَ الطّرقِ البديلةِ لتحقيقِ نفسِ النّتيجة.
  • القيمة - بلوَرةُ القيمةِ التّجاريّةِ أو التّنظيميّةِ لتلكَ المساهمة.
  • الدّليل - استخدامُ البياناتِ لإثباتِ قيمةِ مساهمتك.
  • التّحسين - استخدامُ البياناتِ لتحسينِ قيمةِ مساهمتك.

 

وأنا متأكّد من أنّكَ ستكونُ على درايةٍ بدوائرِ سيمون سينك Simon Sinek الذّهبيّةِ الّتي تتعلّقُ بنتائجِ الأعمالِ أو التّأثيرِ وعائدِ الاستثمارِ الّذي يهمُّ الرّئيسَ التّنفيذي. فهيَ بمثابةِ تذكيرٍ مفيدٍ بالتّغييرِ الّذي نتحدّثُ عنه. لأنّنا بحاجةٍ إلى التّحوّلِ منَ التّركيزِ على ما نقومُ بهِ، إلى سببِ قيامنا بما نقوم به.

 

كما أودُّ أن أشجّعكم على التّفكيرِ في التّحوّلِ إلى القيمةِ لأمرينِ رئيسيّين:

  • حلُّ مشكلةٍ تجاريّة. منَ الصّعبِ تحقيقُ معظمِ نتائجِ الأعمال. فهناكَ كلُّ أنواعِ العوائقِ في الطّريق - ولهذا السّببِ يحتاجُ الفريقُ إلى خبيرٍ لجعلِ النّتيجةِ أكثرَ تأكيدًا. كما أنّكم تعرفونَ أفضلَ منَ الأشخاصِ الآخرينَ في الفريقِ عن كيفيّةِ التّغلّبِ على العوائق. وفي نهايةِ المطاف، إذا أضاعَ فريقُ كرةِ القدمِ الأهداف، فإنّهُ يستأجرُ حارسَ مرمى على قدرٍ كبيرٍ منَ المهارة.
  • توليدُ نتائجِ الأعمال. إذا أرادَ فريقُ كرةِ القدمِ أن يصبحَ بطلًا، فإنَّ النّجاحَ لا يعتمدُ على نتيجةِ مباراةٍ واحدةٍ أو فرديّة. حيثُ يحتاجُ هذا الأمرُ إلى مساهماتٍ متعدّدةٍ عبرَ ألعابٍ متعدّدة. إنّه يحتاجُ إلى استراتيجيّةٍ رائعة، وهيَ أن تفكّرَ بسرعةٍ وذكاء ثمَّ تتفوّقُ على منافسيك.

 

لذا، فكّر في العوائقِ الّتي أنتَ بارعٌ في التّغلبِ عليها. وحدّد أيًّا منَ الخطواتِ العديدةِ في رحلتكَ نحوَ النّتيجةِ ستقدّمُ مساهماتٍ قيّمة.

 

استخدام نتائجِ الأعمالِ وبياناتِها لإثباتِ القيمةِ الّتي تساهمونَ بها

نظرًا لأنَّ موظّفي العلاقاتِ العامّةِ يركّزونَ على ما يفعلونه، ولا يركّزونَ على سببِ قيامهم بما يفعلونه، فإنّهم يميلونَ إلى التّركيزِ على بياناتِ الاتّصالات وليسَ بياناتِ الأعمال. وهذا يعدُّ تهديدًا محتملًا للفريقِ الدّاخليِّ والوكالةِ على حدٍّ سواء.

 

وقد قمتُ ذاتَ مرّةٍ بإجراءِ جلسةٍ تدريبيّةٍ حضرها اثنانِ من موظّفي العلاقاتِ العامّةِ من شركةِ مراهنةٍ عبرَ الإنترنت. حيثُ قالَ مديرُ العلاقاتِ العامّةِ عندما أدركتُ ضرورةَ مشاركةِ البيانات: 'لماذا أشاركُ البياناتَ مع وكالتي؟ كلُّ ما أطلبُ منهم فعلهُ هوَ تأمينُ الرّوابطِ في التّغطيةِ عبرَ الإنترنت والّتي تمكّنُ الأشخاصَ الأفضل عبر الإنترنت من زيارةِ موقعنا على الإنترنت. فهم لا يحتاجونَ إلى أيِّ بيانات. كلُّ ما عليهم فعلهُ هو الوصولُ إلى الرّابطِ المستهدفِ الّذي حدّدتهُ لهم.' وكما ترون، هذا ملخّصٌ كلاسيكيٌّ لمستوى "ماذا"، حيثُ لم يتمَّ تحديدُ السّببِ وراءَ "ماذا". ولربّما قالَ الرّئيسُ التّنفيذيُّ، لو كانَ هوَ من كتبَ الموجز: "ساعِدنا في تحقيقِ أهدافنا المتعلّقةِ بالإيراداتِ من خلالِ جذبِ المزيدِ منَ الأشخاصِ الأفضلِ تفاعلًا".

 

ولو كانَ فريقُ العلاقاتِ العامّةِ داخلَ الشّركةِ والوكالةِ يركّزُ على قيمةِ عملهم - وهي النّتيجةُ الّتي يقدّرها الرّئيسُ التّنفيذيّ - لكانَ منَ الضّروريِّ بالنّسبةِ لهم فهمُ ما ساهمَ به كلُّ رابطٍ في العمل. وسيمَكّنُ الوصولُ إلى هذهِ المعلومات فريقَ العلاقاتِ العامّةِ من تقييمِ المنشوراتِ والرّسائلِ الّتي قدّمت أعلى مساهمةٍ للشّركة، ومن تغيير نهجهم وفقًا لذلك حتّى يتمكّنوا من تحسينِ عائدِ الاستثمارِ للشّركة. وهذا يحوّلُ التّركيزَ من حسابِ النّواتجِ إلى تحديدِ قيمةِ المساهمة.

 

وأنا سألتُ مديرةَ العلاقاتِ العامّةِ عن سببِ عدمِ مشاركةِ البياناتِ المتعلّقةِ بأداءِ الرّابطِ، فأجابت: أوّلًا لأنَّ الوكالةَ لم تسأل أبدًا، وثانيًا لأنّه تمَّ قياسها من خلالِ عددِ الرّوابط وليس ما ساهمت بهِ الرّوابط. بمعنى آخر، لا يهمُّ ما يقدّمهُ الرّابطُ فقط لمجرّدِ أنّهُ موجود!

 

بالإضافةِ إلى أنّهُ يمكنُ لفريقِ العلاقاتِ العامّةِ إثباتَ أنَّ عملَهم ساهمَ بقيمةٍ ملموسةٍ من خلالِ البياناتِ الصّحيحة. ومنَ الأسهلِ بكثير أن يُنظرَ إليكَ على أنّكَ ذو قيمة، إذا ساعدتَ في تحقيقِ عشرةِ ملايينَ جنيهٍ إسترليني، مقارنةً بتسليمِ مئةِ رابط. لن تعودَ النّتيجةُ بأكملها إليك، ولكن أصبحَ منَ الأسهلِ الآنَ إظهارُ الجزءِ الأساسيِّ الّذي لعبتهُ والحصّةَ الكبيرةَ الّتي قدّمتها.

 

وسوفَ تعتقدُ مؤسّستكَ أنّها تدفعُ مقابلَ نشاطِ العلاقاتِ العامّة، ولا تساعدُ في تحقيقِ نتائجِ أعمالٍ ذاتِ أولويّة، ما لم تجعلِ القيمةَ الّتي تساهمُ بها صريحة. ويمكنُ أخيرًا باستخدامِ البياناتِ الصّحيحة، أن يتمَّ تقييمكَ بشكلٍ صحيح مقابلَ ما تساهمُ بهِ في المنظّمة.

 

آملُ أن يكونَ هذا المقالُ قد دفعكَ إلى رؤيةِ الفرصةِ المتاحةِ لك. فأنتَ إذا قمتَ بحلِّ مشكلةِ عمل، وحقّقتَ نتيجةَ عمل، فسوفَ يُنظرُ إليكَ على أنّهُ لا غنى عنكَ لمؤسّستك. وكما يوضّحُ القاموس، كلمةُ "لا غنى عنهُ" تعني أنّكَ ضروريٌّ للغاية ولا يمكنُ للأشخاصِ أو الأشياءِ الأخرى العملُ من دونك.

 

هذهِ هيَ الفرصةُ الّتي يمثّلها التّركيزُ على القيمة، للمهنةِ ولكم أيّها المحترفون.

 

المؤلّف كريسبين مانرز Crispin Manners

كريسبين مانرز هو الرّئيس التّنفيذي لشركة Onva Consulting ورئيسُ مجلسِ إدارة Inspiring Workplaces، ومؤلّفُ كتاب: كيفيّةُ بيعِ القيمة – مبسّطة: دليلٌ عمليٌّ لوكالاتِ الاتّصالات.

ترجمة وتدقيق صَبَا إبراهيم سعيد 

 

تحذير واجب.

 
لا يحق نشر أي جزء من منشورات ميديا & PR، أو اختزان مادته بطريقة الاسترجاع، أو نقله على أي نحو، سواء إلكترونياً أو ميكانيكياً أو خلاف ذلك دون الاشارة الى المصدر، تحت طائلة المساءلة القانونية
 

يرجى التواصل لطلب إذن الاستخدام:

info@ipra-ar.org

 

 


تابعنا :