القيادة المؤثّرة: كيف تكون استراتيجيّاً في اتّصالات الاستدامة في عام 2024



إنّ إعطاء الأولويّة للأصالة ودمج رسائل الاستدامة في استراتيجيّات الاتّصالات الحاليّة يمكن أن يساعد الشّركات على تعزيز الثّقة. بقلم تيفاني جوارناشيا Tiffany Guarnaccia

 

هذا العام، سيكون التّركيز على الاتّصالات المتعلّقة بالاستدامة أمراً بالغ الأهميّة بين الشّركات وأصحاب المصلحة والمستهلكين الّذين يهدفون إلى تحقيق خطوات واسعة في أهدافهم الّتي تركّز على المناخ. ومع استعداد الولايات المتّحدة الأمريكيّة لانتخابات رئاسيّة محوريّة أخرى، ستستمر المناقشات حول ما تعنيه العدالة المناخيّة وكيف تساهم الصّناعات من جميع الأشكال والأحجام في مكافحة تغيّر المناخ. حيث تحتل صناعة التّكنولوجيا على وجه التّحديد موقعاً متميّزاً لتحقيق خطوات كبيرة في عام 2024.

فقط ألقِ نظرةً على الأرقام. في عام 2022، تراجع التّمويل الاستثماري في جميع المجالات تقريباً. ومع ذلك، لم يشهد قطاع تكنولوجيا المناخ انخفاضاً كبيراً في الاستثمارات حتّى أوائل عام 2023. حيث شهد القطاع تمويلاً بقيمة 13.1 مليار دولار فقط، وذلك في النّصف الأول من العام - أي أقل بنسبة 40% عن الفترة نفسها من عام 2022 حسبما ذكرته مؤسّسة (CTVC). ومع ذلك، يبدو أنّ هناك ضوءً في نهاية النّفق مع استثمار 16.6 مليار دولار في شركات تكنولوجيا المناخ في الرّبع الثّالث من عام 2023. وقد حان الوقت الآن، بالطّبع، إذا أردنا الوصول إلى هدف صافي الانبعاثات الصّفرية بحلول عام 2050.      'يعتبر صافي الانبعاثات الصّفري مهمّاً لإبقاء الإحترار العالمي لا يزيد عن 1.5 درجة مئوية - على النّحو المطلوب في اتّفاق باريس - يجب خفض الانبعاثات بنسبة 45٪ بحلول عام 2030 والوصول إلى صافي انبعاثات صفري بحلول عام 2050'

وبالنّسبة للقائمين على التّواصل، يُعتبر هذا العام لحظةً حاسمة تتمثّل في جعل الشّفافيّة أولويّةً قصوى، مع استمرار قادة الأعمال في التّركيز على الجهود البيئيّة والاجتماعيّة والمؤسّسيّة.

قد تكون الشّركات غامضةً بشأن ممارساتها المستدامة مع تزايد مطالب المستهلكين منها، وقد نراها هذا العام تلتزم بمعايير أعلى فيما يتعلّق بممارسات الاستدامة الّتي تتّبعها وكيفيّة حديثها عن أهدافها وتقدّمها. وعندما يتعلّق الأمر بالاتّصالات المتعلّقة بالاستدامة، تكون الاستفادة من استراتيجيّات العلاقات العامّة الّتي تركّز على خطط واقعيّة وطويلة الأجل ورسائل شفّافة هي مفتاح النّجاح.

دعونا نلقي نظرة أعمق على الاستراتيجيّات الّتي يمكن للشّركات الاعتماد عليها لإيصال أهدافها وتقدّمها بفعّاليّة.

 

توضيح وتحسين تحديد المواقع

لقد شهدنا نموّاً مذهلاً في سوق الاستدامة على مدار السّنوات القليلة الماضية - لا تظهر أيّ علامات على التّباطؤ في أيّ وقت قريب. فمن المتوقع أن يصل النّمو إلى 62 مليار دولار أمريكي في عام 2030، كما أنّه من المتوقّع أن يصل إلى ذروته في عام 2030، حيث تشهد جميع الصّناعات والقطاعات تقريباً (مثل المؤسّسات الماليّة وقطاع الطّاقة) الآن موجات كبيرة في السّوق وبسرعة كبيرة.

ومع دخول المزيد من الأطراف الفاعلة في هذا المجال، يصبح المشهد بطبيعة الحال معقّداً بعض الشّيء. نرى هذا الأمر يحدث عندما يشهد أيّ موضوع بداية مفاجئة للنّمو، فالاستدامة ليست استثناءً. حيث يمثّل هذا الأمر لحظة محوريّة بالنّسبة للقائمين على التّواصل؛ وقد حان الوقت الآن للتّفكير في تحديد موقع السّوق وصقله. ولكي يتمكّن القائمون على التّواصل من الحصول على مساحة خاصّة بهم، فهم يحتاجون إلى تقييم كيفيّة ظهورهم حاليّاً في المحادثات، وتحديد وجهات نظرهم الفريدة، وتطوير الرّسائل لتتماشى مع احتياجات المشهد الحالي.

هذا ويجب أن يسأل القائمون على التّواصل أنفسهم ما هو النّهج/العرض الجّديد أو الفريد الذي يمكننا الاستفادة منه في محادثات الاستدامة؟ هل لدينا رؤى مستندة إلى البيانات أو تقدّم هادف لمشاركته يمكن أن يخترق الضّجيج؟ كيف يمكن لرسائلنا أن تتطوّر لتعكس المشهد الحالي دون المساس بالمصداقيّة؟

ومع استمرار نمو السّوق، من المهمّ أن يقوم القائمون على التّواصل بتقييم التّحوّلات في المشهد، وتقييم ما يقدّمونه في السّوق، وتحسين كيفيّة ظهورهم في هذا المجال. حيث يمكن أن تؤثّر تغيّرات السّوق والتّكنولوجيا الجّديدة والأحداث الجارية تأثيراً كبيراً على الجماهير الرّئيسيّة وكيفيّة استجابتهم لرسائل العلامة التّجاريّة. وبالتّالي، تُعدّ مواكبة التغيّرات السّريعة في الصّناعة في عام 2024 أمراً أساسيّاً للقائمين على التّواصل للحفاظ على الملاءمة وتحقيق مكانةٍ فعّالة في محادثة الاستدامة سريعة النّمو.

 

إعطاء الأولوية للمصداقيّة

مع شعور الشّركات بمزيد من الضّغط لتكثيف جهودها في مجال الاستدامة، يؤدّي ذلك في كثيرٍ من الأحيان إلى خطأٍ مكلف يتمثّل في الغسل الأخضر. لقد رأينا ذلك مراراً وتكراراً، حيث تنفق الشّركات الوقت والمال على تسويق نفسها على أنّها صديقة للبيئة بدلاً من تقليل تأثيرها على البيئة. ففي العام الماضي فقط، رأينا شركة Verra، المزوّد الرّائد عالميّاً لتعويضات الكربون، تتعرّض لانتقادات لاذعة بسبب تحقيق كشف أنّ 90% من تعويضات الغابات المطيرة الّتي تقدّمها الشّركة فشلت في حماية الغابات المطيرة وربّما تسبّبت في تفاقم الاحتباس الحراري العالمي. وقد ورّط ذلك أيضاً عملاء Verra من الأسماء الكبيرة مثل ديزني وشل وغوتشي Disney, Shell and Gucci الّذين اعتمدوا على هذه التّعويضات للوفاء بالتزاماتهم الفرديّة بالحدّ من انبعاثات الكربون. 'تضع فيرا المعايير العالميّة الرّائدة في مجال العمل المناخي والتّنمية المستدامة.'

وغنيٌّ عن القول، أنّ تكتيكات الغسل الأخضر تأتي بنتائج عكسيّة مضمونة ويمكن أن يكون لها تأثيراً ضاراً على ثقة المستهلك والعلامة التّجاريّة للشّركة. وفي هذا العام، من المرجّح أن تتضخّم حوادث الغسل الأخضر بشكل أكبر - وأكثر ضرراً - لجميع الصّناعات بسبب المناخ السّياسي والتّشريعات الجّديدة لمكافحته.

خذ على سبيل المثال قانون كاليفورنيا الجّديد لمكافحة الغسل الأخضر. هذا القانون الجّديد الّذي دخل حيّز التّنفيذ في الأوّل من يناير، يضيّق الخناق على الشّركات الّتي تقدّم ادّعاءات "خضراء" في الولاية؛ ومن المرجّح أن يلهم ولايات أخرى لاتّخاذ إجراءاتٍ مماثلة في العام المقبل، مما سيؤدّي إلى توسيع نطاق تشريعات مكافحة الغسل الأخضر إلى ما هو أبعد من حدود الولاية الذّهبيّة. ومع تصاعد عواقب الشّركات على الغسل الأخضر، أصبح من المهم أكثر من أي وقت مضى أن يضمن القائمون على التّواصل أن تكون المصداقيّة والشّفافيّة في صميم جميع اتّصالات الاستدامة، بدءاً من إعداد التّقارير البيئيّة والاجتماعيّة والمؤسّسيّة إلى قياس الأثر البيئي.

إنّ التّقدّم لا يحدث بين عشيّة وضحاها لأيّ شركة، والصّدق هو دائمًا أفضل سياسة عندما يتعلّق الأمر بالحفاظ على الثّقة مع المستهلكين والموظّفين وأصحاب المصلحة. في عام 2024، لم يعد التزام الشّركات بالصّمت بشأن الاستدامة خياراً متاحاً لها - ولكن الأسوأ من ذلك هو الوقوع في نفاق الشّركات والتّحدّيات القانونيّة.

وعندما يتعلّق الأمر بالحفاظ على الشّفافيّة، فإنّ القاعدة الأساسيّة الأكثر أهميّة هي بدء المحادثة بغضّ النّظر عن المكان الّذي قد تكون الشّركة قد وصلت إليه في تحقيق أهداف الاستدامة. حيث يجب على الشّركات وضع أهداف واقعيّة لنفسها والتّأكّد من أنّ جميع الرّسائل، بما في ذلك الإعلانات والقيادة الفكريّة وجهود العلاقات الإعلاميّة، تتماشى مع تلك الأهداف. وهذا أمرٌ بالغ الأهميّة لضمان بقاء أهداف الاستدامة في متناول اليد وتعزيز المصداقيّة والشّفافيّة على طول الطّريق.

 

لا ينبغي إثباط عزيمة الشّركات الجّديدة في مجال المسؤوليّة الاجتماعيّة

تُعدّ المسؤوليّة الاجتماعيّة للشّركات جزءاً لا يتجزّأ من استراتيجيّةٍ ناجحة وشاملة للاتّصالات. ففي الواقع، تُظهر الأبحاث أنّ 82% من العلامات التّجاريّة النّاجحة اليوم تدمج المسؤوليّة الاجتماعيّة للشّركات في استراتيجيّات الاتّصال الخاصّة بها. ونظراً لأنّ المستهلكين يطالبون بمزيدٍ من المساءلة ويبحثون بشكلٍ متزايد عن الشّركات الّتي تتماشى مع قيمهم، يجب أن تكون المسؤوليّة الاجتماعيّة للشّركات مجالاً بالغ الأهميّة من الأولويّات - والاستثمار - بالنّسبة للقائمين على التّواصل هذا العام.

لا تحتاج الشّركات الّتي تستثمر الموارد في المسؤوليّة الاجتماعيّة لأوّل مرّة إلى إعادة اختراع العجلة. فكّر في الشّراكات القائمة والعلاقات مع العملاء. قد تكون هناك فرصٌ لتنفيذ أنشطة المسؤوليّة الاجتماعيّة للشّركات جنباً إلى جنب مع شريك من العملاء، أو إعادة تنظيم بعض جهود الاتّصالات الحاليّة للتّأكيد بشكلٍ أفضل على ممارسات الأعمال المستدامة.

ويمكن للشّركات أيضاً الاستفادة من مبادرات الاستدامة الحاليّة من خلال استراتيجيّات العلاقات العامّة الشائعة مثل القيادة الفكريّة والعلاقات الإعلاميّة والفعّاليّات ذات الصلة أو فرص التّحدث في هذا المجال والتّضخيم عبر وسائل التّواصل الاجتماعي أو وسائل الإعلام المملوكة. حتّى إذا كانت الشّركة قد بدأت للتّو في مجال الاتّصالات المتعلّقة بالاستدامة، فغالباً ما تكون هناك فرصٌ يتمّ تجاهلها لتضخيم التزامٍ فريدٍ من نوعه أو تسليط الضّوء على التّقدم أو عرض الجهود الحاليّة.

بالإضافة إلى ذلك، ينبغي على الشّركات النّظر في تخصيص موارد لإشراك المديرين التّنفيذيّين في بعض الفعّاليّات الّتي تنظّمها الشّركات. على سبيل المثال، أسبوع المناخ في مدينة نيويورك هو حدث سنوي يجمع الآلاف من قادة الأعمال وصنّاع التّغيير لدفع العمل المناخي. يمكن أن تكون هذه فرصةً ممتازة للمسؤولين التّنفيذيّين في الشّركة لحضور الفعّاليّات الرّئيسيّة، أو المشاركة في جلسة تحدّث، أو إثارة الإلهام من خلال التّواصل مع قادة الصّناعة.

 

استشراف المستقبل: لحظةٌ حاسمة للاتّصالات المستدامة

في ظلّ المشهد المعقّد اليوم، لا يعدّ تحقيق التّواصل الفعّال في مجال الاستدامة أمراً سهلاً. فمع تزايد مطالب المستهلكين من الشّركات أكثر من أي وقت مضى، يدرك القائمون على التّواصل أهميّة التّواصل من أجل الاستدامة ويسعون جاهدين إلى إيجاد مساحة خاصّة بهم في حوار سريع النّمو.

 

وهكذا نلاحظ أنّه من خلال التّموضع الاستراتيجي في السّوق، وإعطاء الأولويّة للمصداقيّة ودمج رسائل الاستدامة والمسؤوليّة الاجتماعيّة للشّركات في استراتيجيّات التّواصل الحاليّة، يمكن لخبراء التّواصل مساعدة الشّركات على تحقيق أهدافها وتعزيز ثقة المستهلكين والموظّفين وأصحاب المصلحة في عام 2024.

المؤلّفة تيفاني غوارناتشيا Tiffany Guarnaccia

تيفاني غوارناتشيا، الرّئيس التّنفيذي ومؤسّس شركة كايت هيل للعلاقات العامّة Kite Hill PR

'كايت هيل للعلاقات العامّة هي وكالة علاقات عامّة تقنيّة ووكالة اتّصالات بين الشّركات. تعمل مع شركات رائدة في مجالات التّكنولوجيا والإعلام والتّرفيه والإعلانات بين الشّركات.'

 

https://www.ipra.org/news/itle/itl-564-leading-with-impact-how-to-be-strategic-with-sustainability-comms-in-2024/

 

 

ترجمة وتدقيق صَبَا إبراهيم سعيد

 

تحذير واجب.

 
لا يحق نشر أي جزء من منشورات ميديا & PR، أو اختزان مادته بطريقة الاسترجاع، أو نقله على أي نحو، سواء إلكترونياً أو ميكانيكياً أو خلاف ذلك دون الاشارة الى المصدر، تحت طائلة المساءلة القانونية
 

يرجى التواصل لطلب إذن الاستخدام:

info@ipra-ar.org

 


تابعنا :