تجربتي في الانتقال من العلاقات العامّة إلى الإعلام: دليلٌ على أنّ الأمر يمكن أن يسير في الاتّجاه الآخر أيضاً



قلب السيناريو: "اختر وظيفةً تحبّها، ولن تضطرّ إلى العمل يوماً واحداً في حياتك"

بقلم إيفان جاكسيتش

 

أعمل في مجال الاتّصالات في صربيا منذ ما يقرب من عشرين عاماً. وإذا أضفنا إلى ذلك التّعليم الرّسمي، تقترب فترة عملي في مجال العلاقات العامّة من ربع قرن. وبعبارةٍ أدق، إنّه أسلوب حياتي في مجال العلاقات العامّة والاتّصالات - وعلى حدّ تعبير الفيلسوف الصّيني كونفوشيوس: "اختر عملاً تحبّه، ولن تضطرّ إلى العمل يوماً واحداً في حياتك".

 

لذا، وباختصار، أنا محظوظٌ لأنّني في سنّ الخامسة والأربعين، لم أعمل منذ عشرين عاماً. وأنوي الاستمرار على هذا النّحو.

 

قادتني الظّروف في منتصف مسيرتي المهنيّة تقريباً إلى مهنةٍ أخرى. ولأكون أكثر دقّة، لقد غيّرت توجّهي. فبعد أن عملت في مجال الاتّصالات والعلاقات العامّة، أسّستُ شركة أفالا ميديا جروب الإعلاميّة Avala Media Group الّتي تمتلك حتّى الآن بوّابةً إلكترونيّةً واحدة وقناةً تلفزيونيّةً واحدة. مع طموحٍ لتأسيس وكالة أنباءٍ إقليميّة.

 

لذا، ما زلت أعمل في مجال الاتّصالات، ولكن من وجهة نظرٍ مختلفة. في الواقع، أصبحت الآن من كافّة وجهات النّظر، أي من جميع النّواحي؛ محرّر-صحفي، محرّر-وسائل إعلام أخرى، صحفي-محاور، جمهور وسائل إعلام، والأهم من ذلك كلّه وسائل إعلام-العلاقات العامّة.

 

حيث يتمثّل التّوجّه العالميّ للأشخاص العاملين في وسائل الإعلام - سواءً كان ذلك بسبب التّصوّر السّطحي للعلاقات العامّة الّذي يساويه الكثيرون (ويلوموننا نحن ممارسي العلاقات العامّة فقط) بالعلاقات الإعلاميّة، أو لأسبابٍ مربحةٍ أو لأسبابٍ أخرى - بالانتقال إلى قطاع العلاقات العامّة.

 

أمّا الهجرة العكسيّة، من العلاقات العامّة إلى الإعلام، فهي نادرة الحدوث. لم أسمع بمثل هذا المثال في صربيا. لذا، يمكن للمرء أن يقول بشكلٍ غير رسمي - أنّني قلبت النّص.

 

تطبيق مهارات العلاقات العامّة في وسائل الإعلام

هناك العديد من الاحتمالات، ولكنّها لا تخلو من المزالق. هكذا يمكن وصف مساحة وتحدّي تطبيق المعرفة المكتسبة من العلاقات العامّة في وسائل الإعلام. فإدارة السّمعة، والاتّصالات الدّاخليّة، والرّقميّة... ليست سوى بعض المهارات الّتي يمكن تطبيقها في وسائل الإعلام بشكلٍ كبير. واليوم، لا يمكن الاستغناء عنها أيضاً.

وسائل الإعلام شريكةٌ في التّواصل وليست مجرّد وسيلة أو قناة اتصال. إنّها شريكةٌ مع "صانعي" الأخبار، وشريكةٌ أيضاً مع القرّاء، ومع الجّمهور. ولهذا السّبب، يُعدّ بناء الثّقة والتّفاهم المتبادل مع جميع أصحاب المصلحة/ الجّمهور وظيفةً أساسيّةً لوسائل الإعلام. وفي هذا الصّدد، لا تختلف وسائل الإعلام عن أيّ شركةٍ أو منظّمةٍ أو مؤسّسةٍ أو فردٍ يمثّل التّواصل هدفاً استراتيجيّاً بالنسبة له.

كما أنّ وسائل الإعلام لها دورٌ مسؤولٌ تجاه المجتمع أيضاً، ولذلك تقع على عاتقها مسؤوليّةٌ كبيرةٌ في عصر المعلومات الكاذبة والمضلّلة. إنّ مهارة تحديد هذا المحتوى والتّحقّق منه واستبعاده أمرٌ بالغ الأهميّة لبناء الثّقة بين وسائل الإعلام والجّمهور المستهدف. وبالتّالي، يمكن القول مرّةً أخرى أنّ الخبرة المكتسبة من العلاقات العامّة أكثر من مجرّد خبرةٍ قابلةٍ للتّطبيق.

وهناك أيضاً عواقب مماثلة على السّمعة. فالسّمعة الّتي يتمّ اكتسابها بشقّ الأنفس في مجال العلاقات العامّة يتمّ الحفاظ عليها وتعزيزها من خلال المعلومات المناسبة وفي الوقت المناسب، عن طريق التّواصل. وينطبق الأمر نفسه على وسائل الإعلام. فقد تكلّف المقامرة بالمصداقيّة وسائل الإعلام (والمجتمع) خسائر أكبر. وغالباً ما تكون الخسائر غير قابلةٍ للتّعويض. ولهذا السّبب تتحمّل وسائل الإعلام قدراً هائلاً من المسؤوليّة.

ومن المؤكّد أنّ تطبيق الذّكاء الاصطناعيّ هو أحد أكبر التّحديات بشكلٍ عام. أمّا في وسائل الإعلام، فإنّ المهمّة الأكثر تحدّياً في المعركة المذكورة أعلاه ضد أكبر خطرٍ عالميٍّ اليوم، كما يقولون في دافوس، هي الخداع والتّضليل الإعلامي. من ناحيةٍ أخرى، من المؤكّد أنّ الذّكاء الاصطناعي سيسرّع ويسهّل العمل في وسائل الإعلام وينظّم كلّ ما يُنشر على الإنترنت ويعمل على إيجاده، بالإضافة إلى توصيل المحتوى والمنتجات الخاصّة.

حيث يجب أن تلعب وسائل الإعلام دوراً رئيسيّاً في بناء الثّقة من خلال التّطبيق المسؤول للذّكاء الاصطناعيّ والنّهج الصّحيح تجاه المعلومات الخاطئة والمضلّلة. وذلك بالطّبع مع وجود أنظمةٍ جديدةٍ لابدّ لها من مواكبة التّحدّيات العالميّة الجديدة والاستجابة لها.

 

جهات الاتّصال هي رأس المال

جهات الاتّصال هي حرفيّاً رأس مال كلّ فردٍ يعمل في مهنتنا. فأنت تحملها معك دائماً أينما كنت تعمل. وفي مجال الإعلام، يعني ذلك أيضاً الوصول إلى المعلومات الصّحيحة في الوقت المناسب، وهو ما يتطلّب غالباً علاقاتً جيّدةً مع الزّملاء في مجال العلاقات العامّة.

 

من ناحيةٍ أخرى، لديّ الآن أفضليّةٌ على محترفي العلاقات العامّة: فأنا أعرف كيف يفكّرون. وهذا ما يسهّل تحديد السّياسات التّحريريّة، وتحديد المواضيع، وإيجاد المنافذ. كما يمكّنك ذلك من البقاء متقدّماً بفارق خطوةٍ إلى الأمام، لتحتل الصّدارة.

لذلك، أعتقد أنّ كوني محترفاً في العلاقات العامّة على رأس شركةٍ إعلاميّة، إلى جانب تقبّل الاقتراحات والتعلّم المستمر، يمكن أن يكون الميزة النّسبيّة والفارق المطلوب في سوق الإعلام. وفي الوقت الحالي، يمكنني دعم ذلك بالدّليل (نجاح وسائل الإعلام الّتي أديرها).

لقد أتاحت لي تجربة عامين من الخبرة كرئيسٍ للمنظّمة المهنيّة الوطنيّة لمحترفي العلاقات العامّة شرف الالتقاء بالعديد من الزّملاء من المنطقة، وهم روّاد مهنة العلاقات العامّة في هذا الجّزء من العالم. وتستمر هذه الصّداقات حتّى يومنا هذا. ولهذا السّبب أنا مسرورٌ للغاية لأنّ صديقتي ناتاسا بافلوفيتش بوجاس هي الآن رئيسة الجّمعيّة الدّوليّة للعلاقات العامّة. وبصراحة، نحن في منطقتنا ننظر إلى هذا الأمر على أنّه نجاحٌ لمهنتنا ولنا جميعاً. ولكن، دعونا لا ندّعي أن ذلك هو فقط نتيجةٌ لمهنيّة ناتاشا ومعرفتها وخبرتها وتفانيها وطاقتها. لهذا السّبب قبلت دعوتها للانضمام إلى IPRA دون أن أفكّر كثيراً، ومن ثمّ مشاركة تجربتي معكم من خلال هذا المقال. آمل أن يكون مفيداً لشخصٍ ما. وهو كذلك بالنّسبة لي، لأنّني أدركت أثناء الكتابة ما الّذي يمكنني تطبيقه من معرفتي في مجال العلاقات العامّة على وظيفتي الجّديدة في الإعلام.

 

ويسعدني أن تتاح لي الفرصة للقاء بعضكم والتّعاون مع بعضكم. ومن يدري، قد يتحوّل ذلك إلى شراكاتٍ وصداقاتٍ جديدة.

 

كما قلت، جهات الاتّصال هي رأسمالنا.

 

المؤلّف إيفان ياكسيتش Ivan Jaksic

إيفان ياكسيتش، مؤسّس ومدير ورئيس تحرير مجموعة أفالا الإعلاميّة؛ رئيس جمعيّة العلاقات العامّة في صربيا (2012-2014).

 

https://www.ipra.org/news/itle/itl-572-my-experience-transitioning-from-pr-to-media-proof-that-it-can-go-the-other-way-too/

 

ترجمة وتدقيق صَبَا إبراهيم سعيد

 

تحذير واجب.

 
لا يحق نشر أي جزء من منشورات ميديا & PR، أو اختزان مادته بطريقة الاسترجاع، أو نقله على أي نحو، سواء إلكترونياً أو ميكانيكياً أو خلاف ذلك دون الاشارة الى المصدر، تحت طائلة المساءلة القانونية
 

يرجى التواصل لطلب إذن الاستخدام:

info@ipra-ar.org

 


تابعنا :