شتاء رأس المال الاستثماريّ في مجال التّكنولوجيا الماليّة موجودٌ هنا ليبقى: ثلاثة دروسٍ في إدارة الأزمات



إنّ الاستعداد لمواجهة الصّدمات والأزمات في عالمٍ هشٍّ ومضطرب أمرٌ بالغ الأهمّية.

بقلم ماري بولياكوفا Mary Poliakova

 

 

في عالم اليوم الّذي يتّسم بالتّضخم المرتفع والشّكوك الجّيوسياسيّة والاضطرابات البيئيّة، تجد السّوق الماليّة نفسها راسخةً في واقعٍ هشٍّ وقلقٍ ومضطربٍ ومبهم. ويُعدّ شتاء رأس المال الاستثماري الّذي طال أمده بمثابة تذكيرٍ صارخٍ بأنّ قطاع التّمويل ليس بمنأىً عن هذا الاضطراب.

ووسط هذه التّحدّيات، تتعلّم شركات التّمويل أنّ التّواجد الإعلاميّ القويّ والبصمة الإعلاميّة ليست مفيدةً فحسب، بل غالباً ما تكون حاسمةً للبقاء والنّجاح في مشهدٍ تنافسي. واستناداً إلى خبراتي كمستشارة علاقاتٍ عامّةٍ ماليّة في إدارة سيناريوهاتٍ مختلفةٍ للتّواصل في الأزمات، يمكنني مشاركة ثلاثة دروسٍ رئيسيّةٍ برزت كدروسٍ لا تقدّر بثمنٍ في التّعامل مع هذه المنطقة المتقلّبة.

 

الدّرس الأوّل: تسليط الضّوء على سمعة القائد

شهد شتاء رأس المال الاستثماريّ المستمرّ الّذي امتدّ لأكثر من عامٍ وربّما سيمتدّ إلى العام المقبل تحوّلاً من مشاعر الخوف من تفويت الفرصة، إلى مشاعر الفرح بتفويت الفرصة بين المستثمرين. حيث دفع الحذر والنّفور من المخاطرة الّذي أعقب جائحة كوفيد-19 والتّحدّيات الجيوسياسيّة في الفترة الواقعة بين عامي  2020-2021 المستثمرين إلى أن يصبحوا أكثر فطنةً، لا سيّما في مجال التّقنيّات الماليّة.

 

إذ تقوم المؤسّسات والصّناديق الاستثماريّة بإعادة توجيه تركيزها نحو الشّركات في مراحلها المبكّرة، مع التّركيز على الدّور المحوريّ الّذي يلعبه الرّؤساء التّنفيذيّون والمؤسّسون. ويدقّق المستثمرون في خلفيّاتهم ومساعيهم التّجاريّة السّابقة، مدركين أنّ المؤسّس القويّ في هذه المرحلة لا يقلّ أهمّيةً عن المنتَج  الفعّال.

 

وفي هذا السّياق، تصبح العلاقات العامّة الشّخصيّة للرّؤساء التّنفيذيّين الرّئيسيّين أساسيّةً خلال المراحل الأولى من تطوير الأعمال، في عالمٍ يتمّ فيه البحث عن كلّ التّفاصيل على محرّك البحث Google. حيث تؤثّر البصمة الإعلاميّة للمؤسّس بشكلٍ كبيرٍ على التّصوّرات، ويمكن أن تقلب الموازين لصالح الشّركة.

 

وفي ظلّ حالة الضّبابيّة الّتي تكتنف المشهد المالي، تصبح إدارة وتعزيز سمعة القادة أمراً بالغ الأهمّية بالنّسبة للشّركات الّتي تسعى إلى الازدهار وسط تحدّيات رأس المال الاستثماريّ الّتي طال أمدها. ليس هذا فحسب، بل يجب على الشّركة أن تُظهر استباقيّةً في التّخفيف من المخاطر.

 

الدّرس الثّاني: كن متقدّماً بخطوةٍ واحدة

أصبحت الاختراقات الإلكترونيّة واحدةً من أكبر الصّدمات الّتي تعرّضت لها شركات التّشفير العام الماضي، ممّا أدّى إلى خسائرٍ مذهلةٍ بلغت 1.34 مليار دولار لصالح المحتالين. وبصفتي مستشارةً للعلاقات العامّة عملت عن كثبٍ مع شركات التّكنولوجيا الماليّة الّتي نجت من هجومٍ إلكترونيٍّ كبيرٍ هذا العام، أودّ أن أسلّط الضّوء على أهمّية الاستباقيّة أثناء الاضطرابات الماليّة والاضطرابات الّتي تمسّ السّمعة.

إذ إنّ الاستعداد للصّدمات والأزمات في العالم المضطرب أمرٌ بالغ الأهمّية. وينطوي ذلك الاستعداد على وضع خطّة تواصلٍ عامّةٍ مدروسةٍ جيّداً مع الاستعداد الفوريّ لإبلاغ أصحاب المصلحة بالأحداث الجّارية أثناء الأزمات.

فكلّ يومٍ يسود فيه الصّمت يوجّه ضربةً قويّةً لسمعة العلامة التّجاريّة. والأمر متروكٌ لك لاتّخاذ قرارٍ بشأن أسلوب وشكل رسائلك في حالات الطّوارئ - فالبعض يفضّل إظهار الجّانب الإنسانيّ ونشر رسالةٍ شخصيّةٍ لمؤسّس الشّركة؛ والبعض الآخر يلتزم بالواقعيّة والموضوعيّة في إعلاناته.

ومع ذلك، حتّى لو لم تكن الخطوات المحدّدة لحلّ المشكلة غير واضحةٍ بعد، فإنّ التّواصل في الوقت المناسب مع أصحاب المصلحة - العملاء والمستثمرين وعامّة النّاس - حول تحديد السّبب ودراسة الخطوات التّالية يطمئنهم بأنّ الوضع تحت السّيطرة. فالقدرة على السّيطرة وإثباتها أثناء الأزمات أمرٌ بالغ الأهمّية.

 

الدّرس الثّالث: الاستعداد لأيّ سيناريو عكسي

أودّ أن أقول إنّ الدّرس الرّئيسيّ من الاتّصالات الاستباقيّة لمكافحة الأزمة هو ضرورة الاستعداد لأيّ شيء، والتّخطيط لإجراءات مكافحة الأزمة في ظلّ سيناريوهاتٍ مختلفة. وهذا الدّرس لا تقتصر فائدته فقط  على الشّركات العاملة في مجال التّمويل.

فوجود خارطة طريقٍ مفصّلةٍ يسمح للشّركات بالتصرّف بسرعةٍ في حالة حدوث أزماتٍ غير متوقّعة. كما أنّ التّعاون مع أخصائيّي العلاقات العامّة الدّاخليّين أو الوكالات الخارجيّة أمرٌ بالغ الأهمّية في وضع ومناقشة السّيناريوهات المحتملة مسبقاً. وهذا يضمن قدرة فريق العلاقات العامّة على الاستجابة بسرعة، ممّا يخفّف من تأثير الأزمات على علامتك التّجاريّة وأدائها.

 

وهناك ممارسةٌ جيّدةٌ تتمثّل في إشراك قائد المؤسّسة الّذي يتمتّع بحضورٍ إعلاميٍّ قوي. وكما ذكرنا سابقاً، يضيف المؤسّس القويّ والمدير التّنفيذيّ القويّ الّذي ينخرط على الفور في حوارٍ مع الجّمهور ويطلع أصحاب المصلحة بشكلٍ فوريٍّ على حالات الأزمات المحتملة مزيداً من المصداقية.

 

ويؤكّد التّرابط بين هذه الدّروس على أهمّية الاستثمار. ليس فقط في العلاقات العامّة لمنتجات شركتك الماليّة، ولكن أيضاً في العلامة التّجاريّة الشّخصيّة لفريق القيادة. وبما أنّ عالم رأس المال الافتراضيّ يولي المزيد من الاهتمام للشّركات في مراحلها المبكّرة، فإنّ هذا يثبت أنّ هذه الاستراتيجيّة فعّالة ويجب التّعامل معها. علاوةً على ذلك، يُعتبر وجود خطّةٍ لسيناريوهات التطوّر المختلفة أمراً ضرورياً عندما يتعلّق الأمر بالأزمات، حيث أنّ العلاقات العامّة مسألةٌ طويلة الأمد، ويستمرّ الضّرر الّذي يلحق بالسّمعة لفترة طويلة.

ويضمن التّصدّي للمخاطر بشكلٍ استباقيٍّ عدم إهدار الموارد في جهود التّعافي، ممّا يؤكّد الدّور القيّم لفريق العلاقات العامّة المتمرّس في التّعامل في مواجهة هذه التّحدّيات في وقتٍ مبكّر.

 

 

 

المؤلّفة ماري بولياكوفا Mary Poliakova

ماري بولياكوفا هي مستشارة علاقاتٍ عامّة، وهي المؤسّس المشارك ومدير العمليّات في وكالة استشارات العلاقات العامّة العالميّة دروفا كومس Drofa Comms. لديها أكثر من عشر سنواتٍ من الخبرة في تنفيذ حملات علاقاتٍ عامّةٍ ناجحةٍ لشركات التّكنولوجيا الماليّة، وأكثر من خمسة عشر عاماً من الخبرة كصحفيّة.

 

https://www.ipra.org/news/itle/itl-573-the-fintech-vc-winter-is-here-to-stay-three-crisis-management-lessons/

 

ترجمة وتدقيق صَبَا إبراهيم سعيد

 

 

تحذير واجب.

 
لا يحق نشر أي جزء من منشورات ميديا & PR، أو اختزان مادته بطريقة الاسترجاع، أو نقله على أي نحو، سواء إلكترونياً أو ميكانيكياً أو خلاف ذلك دون الاشارة الى المصدر، تحت طائلة المساءلة القانونية
 

يرجى التواصل لطلب إذن الاستخدام:

info@ipra-ar.org

 


تابعنا :