دفاع العاملين عن منتجات شركاتهم يحقق أفضل دعم لدى الجزء الأهم من الجمهور
دفاع العاملين عن منتجات شركاتهم يحقق أفضل دعم لدى الجزء الأهم من الجمهور
كيف يستطيع أرباب العمل إدراك أهمية العاملين لديهم وتحفيزهم كسفراء مؤثرين في دعم شركاتهم وعلاماتها التجارية بقلم ريتشارد ميلر
أكدت دراسة أجرتها مؤسسة نيلسن جارتنر أن ما لا يزيد عن 15% فقط من النّاس يثقون بالمضمون الدعائي للشركات، مقابل 90% من المستهلكين يثقون بالنصائح التي يسمعونها من معارفهم حول تلك المنتجات. ففي العصر الرقمي الحالي لا تملك الشركات مصداقية اجتماعية، بينما يملكها تماما الناس العاديون.
وقد يكون هناك الآلاف ممن يتابعون بانتظام محتوى حساب تويتر الخاص بالشركات، لكنهم قليلاً ما يتأثرون بهذا المحتوى، بل قد لا يتأثرون به مطلقاً. ذلك لأن الناس لا يتأثرون بما هو مجهول لهم، حتى عندما تكون علامة تجارية أو شركة.
كما أن العاملين في أي شركة ليسوا مجرد أشخاص يؤدون وظيفتهم فيها وحسب، إنهم طاقة مهمة للترويج، وهم سفراء حقيقيون لشركاتهم وعلاماتها التجارية. إن حماستهم في الدفاع عن هذه العلامات تؤكد أهمية وحيوية كلمة ينطقها اللسان لا أكثر. ومع ذلك ما زال الاهتمام بهذه الطاقة شبه معدوم، فنسبة المتأثرين بالدعاية التي يؤديها العاملون ما زالت في حدود 8% فقط مقارنة بالمتأثرين بالدعاية التي تقوم بها الشركات وعلاماتها التجارية.
إن الاهتمام الفعال الذي تحصل عليه الشركة من محيطها الاجتماعي يمكنه أن يحقق نمواً ضخماً في تحصيلات الشركة، ورفع مستوى إنصاف العلامة التجارية وتقديرها، ويؤدي كذلك إلى تحقيق أعلى عائد للاستثمار. ولقد أكد استطلاع أجراه معهد غالوب أن عائد السهم الواحد في الشركات التي لديها مستوى عال من مشاركة عمالها في الدعاية لها يفوق 3.9 مرات من عائد السهم في الصناعات المماثلة أو المنافسة.
والسؤال المطروح هو كيف يمكن لأرباب العمل إدراك أهمية العاملين لديهم باعتبارهم طاقة دعائية أكيدة ومروجين فاعلين لشركاتهم وعلاماتها التجارية؟
الانتماء إلى مكان العمل
تتشابك في عالمنا المترابط اليوم الحياة الشخصية للعامل مع حياته المهنية.ويرى الزميل في معهد لندن للاقتصاد جولز غودارد أن اهتمام الأفراد بالمؤسسات التقليدية كالأسرة والحي والكنيسة والمجتمع المدني والإخلاص لها قد تضاءل بشكل واضح وتم تعويضه بالانتماء لمواقع العمل باعتبارها الموضع المؤسسي الأهم لتحقيق الأهداف وإثبات الذات والانتماء.
وفي هذا السياق ينبغي إطلاع العاملين على الحقائق في الشركة وعلى الأهداف، وتمكينهم من أن يعيشوا ثقافة الشركة وقيمها بكل جوارحهم. لقد أصبح العمل عنواناً مهماً للهوية الفردية "من أنا؟ّ". واستطاعت أقوى الشركات الوصول إلى مستوى عال في عملية دمج عمالها، حيث يفهم هؤلاء تلقائياً وبالحدس مهام الشركة وأهدافها، وفي كل لحظة يشعرون باندماجهم مع هذه المهام ومشاركتهم فيها. وبالمقابل فإن الشركات التي لم تضع أهدافاً واضحة ولم تحقق التزاماً قوياً عند العاملين لديها عاش أصحابها وعلاماتها التجارية واقعاً يقوم على المجازفة بأن يخسروا كل شيء.
ومن الواضح أنه كلما نمت الشركات وتطورت كان لازماً تغيير التوجهات. لكن سبب الوجود ينبغي أن يبقى ثابتاً.
لقد كنت محظوظاً في بداية حياتي المهنية إذ عملت جنباً إلى جنب مع إنغفار كامبراد مؤسس شركة 1K6A وهي شركة مفروشات سويدية شهيرة، اسمها مشتق من الأحرف الأولى لاسم مؤسسها ولاسم مدينته. ومن أهم النصائح التي قدمها لي أثناء عملي معه لسنوات عديدة في النصيحة التي تتعلق بأهمية الثقافة. لقد كان لديه شك ما بأن الآخرين قد يستطيعون تقليد منتوجاته أو تشكيلات متجره إذا أرادوا، لكنه كان متيقناً تماماً بأنه لا يمكن لأحد أن يقلد الثقافة التي أبدعها، وفي غالبيتها كانت من تصوره هو.
ثقافة متجذرة في الأهداف
هذه الثقافة كانت متجذرة في الأهداف التي تمت صياغتها بوضوح، والهدف الأساسي هو أن نجعل الحياة اليومية للناس أفضل باستخدامهم منتوجاتنا. إن الدعاية الناجحة تتطلب أمرين، معرفة المغزى من المنتج، ثم الشعور بالانتماء لقضية أوسع.
وبالطبع، إذا كان لديك هذا الشعور القوي بالأهداف كعلامة تجارية تستطيع بسهولة معرفة ما هي المزايا الأساسية التي ينبغي أن تكتشفها لدى العامل في الشركة. أنت لا تريد عاملين يطبقون قواعد العمل فحسب، عليك تحديد الأشخاص ذوي الحس السليم وأن تستثمر فيهم وتطور قدراتهم كي يشاركوك تصورك ويدافعون عنه.
ونعتقد هنا في H+K أن تقديرنا لزبائننا يكمن في "تداول الأفكار" معهم. فغرضنا إبداع أفكار مقنعة للعملاء- فهذه الأفكار تكون ملهمة للعمل ولتغيير السلوك وتحسين الأداء.
وهدف "إبداع أفكار مقنعة للزبائن" يتطلب فضولاً واطلاعاً قوياً. وإننا نقدر تقديراً عالياً حب الاطلاع عند كل من نوظفه وعند جميع العاملين لدينا، ونريد منهم التفاعل في هذا المجال مع العالم على أوسع نطاق.
عندما يكون العاملون عارفين تماماً الرؤية المشتركة للمؤسسة وأهدافها العامة، فكونوا على ثقة تامة أنهم سوف يستطيعون التحدث باسمكم في كل مكان دون نص مكتوب. فدفاع العاملين المجدي عن مؤسساتهم مبني على قدرتهم والإمكانات المتاحة لهم للمشاركة في عمليات التفاعل والتواصل التي تقوم بها مؤسساتهم. ويمكن التوصّل إلى هذا المستوى عبر تحفيزهم للإطلاع بشكل دائم على المحتوى المهني للمؤسسة بواسطة شبكات التواصل الاجتماعي. وبالنسبة للعاملين، فإن شعورهم بأنهم ليسوا مجرد نكرات وكذلك إحساسهم بتميز شخصيتهم له قيمة هائلة ووقع مهم، سواء في مجال بناء العلاقات أو في تطوير مستقبلهم المهني على حد سواء.
طريقة زابوس
هذا النهج اعتمدته شركة زابوس الأمريكية، المتخصّصة ببيع الملابس والأحذية الكترونياً (أون لاين). فالشركة تعطي العاملين لديها الحريّة الكاملة في التّعامل مع الزبائن باسم علامتها التجارية، حيث تقوم بتشجيع العاملين والموردين للحديث عن المزايا التي يفخرون بها في المعروضات.
هذا النّهج من الدّعاية يعطي عوائد تجاريّة واضحة وقابلة للقياس. ولقد استشهد الكاتبان بودريوز وإمريك في كتابهما "العلامة التّجاريّة الأقوى على وجه الأرض" بدراسة لشركة IBM أكّدت فيها أن تجارتها عبر شبكة التّواصل الاجتماعي بلغت – في تكرار عملياتها- سبعة أضعاف تجارتها عبر القنوات الأخرى.
وهذا لا يعني أنّه يجب استخدام تقنيات التسويق التّقليديّة. أنت مخطئ عندما تظن أنّ ما ينبغي على العاملين فعله هو فقط الإعلان والتسويق والبيع. اختر عوضاً عن ذلك النهج التعاوني الشامل وادفع العاملين كي يكون لكل منهم شخصيتهم "كعلامة" متميزة، وأن يطوّروا مهاراتهم في التمرين والقيادة.
ويعد الدّعم، وفقاً لدراسات فورستر، الأعلى في مجال توطين التكنولوجيا، لأنّ دعم العاملين لمؤسساتهم يتزايد طرداً مع التفاؤل بتقدّم التكنولوجيا. وبصورة أكثر تحديداً، يبدو أن العاملين في مجال التكنولوجيا يفضّلون أكثر من زملائهم بأن يكونوا داعمين اجتماعيين لمؤسساتهم. وتعدّ البرامج المنهجيّة والتّجاريّة الواسعة التي تدرّب وتجهّز القوى العاملة على التعامل مع تكنولوجيا التّواصل الاجتماعي والهواتف النّقالة، منطلقاً مهمّاً وضرورياً لبناء دعم فعّال يقوم به العاملون.
إرشادات...
راقب السلوكيات الفردية واعمل على اكتشاف الطّريقة المناسبة لتحسين هذا السلوك... لا تبدأ بفرضيات عامّة. ولا تؤنّب الفريق الذي يعمل معك، حدّد هدفك لتوجيههم وافعل ذلك بحكمة.
قم باستخدام الأساليب القائمة في التّواصل معهم وأوّلها الهاتف النّقال..
استمع لهم وشاركهم... واستخدم الصيغ التي تتناسب مع مزاجهم الشّخصي كي تحقّق قيمة التّفاعل معهم. حيث يعتبر تبادل المحتوى ثنائي الاتجاه مفتاحاً للمشاركة في الدّعم.
استخدم الأمثلة والقصص بغية تبسيط القضايا المعقّدة.. ركّز على المسائل الآتية: من أنت؟ لماذا أنت موجود؟ وما هي الرّسالة والقيمة التي تريد إيصالها للعالم.
قم "بإخفاء القيمة" ولا تقلها بشكل مباشر، افعل ذلك بإبداع كي تركّز على أهميّة الرّسالة. دع فريقك نفسه يكتشف القيمة عبر طريق السؤال والجواب والمسابقات، بهذا تتمكّن من جعل برنامج الدّعم مادة للمنافسة الإيجابيّة والودّية بين العاملين.
قم بقياس الارتباط والمقارنة بين استطلاع مروّج الشبكة الخارجي الخاص بك و" استطلاع مروّج شبكة داخلي" تمّ إحرازه عبر دعم أحد العاملين الذي يقنع صديقه أو زميله بقيمة منتوجات المؤسسة، فهذا موضوع يستحق التفكير به، والمشاركة بالآراء عندها لن تكون هامشيّة..
ومن الواضح أنّ هذا الأسلوب سوف يثير قضايا أخلاقيّة وأخرى تتعلّق بالخصوصيّة، ولابدّ من التفكير بهذا الأمر. عليك قبل كلّ شيء أن تكون صادقاً وجديراً بالثّقة، فالعالم قد تغير، وهناك أنماط جديدة من الشفافية. وكذلك تغيّرت موازين القوى بحيث يستطيع العاملون اليوم – وهم يفعلون- جعل عالمكم الدّاخلي مرئيّاً للعالم كلّه.
السّحر العفوي
عندما يتم تشجيع الدّاعمين يقوم السّحر تلقائيّاً. وأهم ما رأيته في السّنة الماضية حول ذلك، هو ما أبداه الحاضرون من تدفّق تلقائي وجلي للعواطف تجاه مارك سيباغ – الرّئيس التّنفيذي لشبكة بورتر للبيع عبر الإنترنت- عندما قام بتقديم استقالته. أن تشهد هذا الدفء هو شيء مؤثّر بالتّأكيد، لكن أن تكتشف قوة العامل باعتباره داعماً لشركته ولثقافتها فهو الأمر الأكثر تأثيراً وأهميّة.
لقد ترك هذا أثراً لا يزول على الجمهور، خاصّةً أن المستقيل هو في الحقيقة يترك الشّركة وليس متقدّماً لها.
إذاً عليك أن ترفع مستوى العلاقات الإنسانيّة في الشّركة، ودع بعد ذلك العاملين أنفسهم يتشاركون في التّعامل مع مضمون شركتهم بطرقهم الخاصّة عبر وسائل التّواصل الاجتماعي. ولاشكّ في أنّ الأعمال الكبرى في المستقبل سوف تُستثمر في الدّعم الذي يبديه عمالها وفي تشجيع هذا التّوجّه واستخدامه، مكوّنةً بذلك ثقافة التّعاون والشّفافيّة.
حول المؤلّف:
ريتشارد ميلر هو الرئيس العام وصاحب الإستراتيجية المبدعة والمدير التنفيذي لفرع بريطانيا في استراتيجيات H+K. وكرئيس للوكالة البريطانية هو المسؤول عن الأداء التجاري والنتاج المبدع والمواهب فيها. لضمان جهوزية الوكالة للرد على زبائنها الذين يستنبطون تحدّيات التسويق والاتصالات.
هو بطل لنهج الوكالة في سرد القصص - رحلة البطل- ويقود عملاً جماعياً عالمياً من المواهب الإبداعية عبر الشركة. وقد قدّم قصصاً مقنعة على مدى أكثر من 25 عاماً للعلامات التجارية عبر مجموعة متنوعة من الشركات، بما فيها الرياضية والبيع بالمفرّق والخدمات الماليّة والسلع الاستهلاكية الآلية والسريعة الحركة.
ترجمة: غيدا سعيد
تحذير واجب: لا يجوز نشر من هذا المقال أو اختزان مادته بطريقة الاسترجاع أو نقله على أي نحو، أو بأي طريقة كانت (إلكترونية أو ميكانيكية) أو خلاف ذلك،دون ذكر المصدر بشكل واضح ودقيق. تحت طائلة المساءلة القانونية.
يرجى التواصل لطلب إذن الاستخدام :info@ipra-ar.org
مرحبا بك في IPRA
آخر المقالات:
الاتّصالات المتعلّقة بتغيّر المناخ: اتّجاهات من ثلاث سنوات من المرشّحين النّهائيّين للجّائزة العالميّة الذّهبية للجّمعية الدّوليّة للعلاقات العامّة IPRA
كيف يتمّ تحديد الفائز؟ تمّ تقديم فئة التّغيّر المناخيّ في عام 2022، وهي الفئة الذّهبيّة لجوائز IPRA العالميّة لتغيّر المناخ، والّتي تسلّط الضّوء على دور العلاقات العامّة في معالجة أزمة المناخ.
بقلم دانيال سيلبرهورن Daniel Silberhorn
إضفاء الطّابع الإنساني على الذّكاء الاصطناعي: مشاركة الناس في جوهر الحوار
يمكن لمحترفي العلاقات العامّة سدّ الفجوة بين التّكنولوجيا والبشريّة - وعلينا أن نفكّر في الذّكاء الاصطناعيّ بوصفه "تفسيراً اصطناعيّاً".
بقلم روجر هورني Roger Hurni
طريق قيّمٌ ذو اتّجاهين: إطلاق العنان لقوّة التّوجيه في العلاقات العامّة والاتّصالات العالميّة
أصبح التّوجيه أكثر أهمّيةًًً من ذي قبل، وينبغي على أعضاء الجمعيّة الدّوليّة للعلاقات العامّة IPRA الالتزام به مدى الحياة.
بقلم فيليب تيت Philip Tate
آخر الأخبار :
-
الاتّصالات المتعلّقة بتغيّر المناخ: اتّجاهات من ثلاث سنوات من المرشّحين النّهائيّين للجّائزة العالميّة الذّهبية للجّمعية الدّوليّة للعلاقات العامّة IPRA
كيف يتمّ تحديد الفائز؟ تمّ تقديم فئة التّغيّر المناخيّ في عام 2022، وهي الفئة الذّهبيّة لجوائز IPRA العالميّة لتغيّر المناخ، والّتي تسلّط الضّوء على دور العلاقات العامّة في معالجة أزمة المناخ.
بقلم دانيال سيلبرهورن Daniel Silberhorn
-
إضفاء الطّابع الإنساني على الذّكاء الاصطناعي: مشاركة الناس في جوهر الحوار
يمكن لمحترفي العلاقات العامّة سدّ الفجوة بين التّكنولوجيا والبشريّة - وعلينا أن نفكّر في الذّكاء الاصطناعيّ بوصفه "تفسيراً اصطناعيّاً".
بقلم روجر هورني Roger Hurni
-
طريق قيّمٌ ذو اتّجاهين: إطلاق العنان لقوّة التّوجيه في العلاقات العامّة والاتّصالات العالميّة
أصبح التّوجيه أكثر أهمّيةًًً من ذي قبل، وينبغي على أعضاء الجمعيّة الدّوليّة للعلاقات العامّة IPRA الالتزام به مدى الحياة.
بقلم فيليب تيت Philip Tate