انتقاء المفردات: متى يتوجب على خبراء التواصل استخدام العامية أو لغة الإنترنت؟
مقال قادة الفكر في إيبرا #220
خوان ف. ليزاما
مدير رئيسي في "موزايكو"، التابعة لـ"فاينمان للعلاقات العامة"
ترجمة: عنان تللو
تتطوّر اللغة في يومنا هذا بسرعة أكبر من أيّ وقتٍ مضى. ومع انتشار المصطلحات الجديدة بين المجموعات الديموغرافية، يتعيّن على متخصصي التواصل التفكير بحذر حول الوقت والمكان الأنسب لاستخدامها.
خوان ف. ليزاما
إن جيل الألفية هم اليوم أكثر سكان الولايات المتحدة تنوعاً من الناحية العرقية، حيث يصنف 43% من المولودين بعد عام 1980 أنفسهم بأنهم ليسوا من البيض، وهذه النسبة أعلى من أي جيلٍ سبق.
إن تنوّع السكان يطوّر الثقافة الأميركية واللغة العامية. وهذا يمثل تحدياً بالنسبة لمحترفي التواصل، لاسيما فيما يتعلق باختيار الكلمات الأنسب لجيل الألفية. متي يتعيّن عليهم استخدام اللغة الرسمية، ومتى يكون إيصال الرسائل بالمصطلحات العامية التي لا نجدها في المعاجم أكثر فعالية؟
إن اللغة العامية المعروفة بـ"slang"، والتي لطالما كانت مخصصة للتواصل الغير رسمي، أصبحت اليوم أكثر شيوعاً. أما لغة الإنترنت المعروفة بـ"swag"، التي تقدّم مصطلحات مثل "bea" (بمعنى حبيبي أو حبيبتي)، و"dope" (أي شبابي)، و"gucci" (أي شيء جيّد) فهي مستخدمة من قبل الكثير من الشباب الأميركيين. وقد يستخدم بعضهم هذه المصطلحات في سياقات اجتماعية بينما يستخدمها آخرون طيلة الوقت.
وإضافةً إلى هذا المزيج، فإن 62% من الأميركيين من أصل إسباني ثنائيو اللغة، وبعضهم يختارون التحدّث بمزيج من الإنجليزية والإسبانية، والتي تعرف باسم "سبانغليش" (Spanglish)، والتي تتيح لهم خياراتٍ أوسع من المفردات. إن تأثير اللغة الإسبانية قوي بالنسبة للكثير من الإسبانيين الأميركان، بمن فيهم الأجيال الثانية والثالثة. ويمكن أيضاً أن تختلف المفردات الـ"سبانغليش" بحسب الموقع الجغرافي. ويميل سكان كاليفورنيا وتكساس إلى استخدام الـ"سبانغليش" المكسيكي. وبالـ"سبانغليش" المكسيكي، فإن مفرداتٍ مثل "تروكا" (شاحنة)، و"روفيرو" (معماري)، وكربيتا (سجادة) مستخدمة بشكل شائع. وهذه الكلمات ليست موجودة في قاموس "الأكاديمية الملكية الإسبانية"، وهي المنظمة المتثل دورها في الحفاظ على استخدام اللغة الغسبانية السليمة.
ويواجه العاملون في مجال التواصل قراراً صعباً بشأن ما إذا كان عليهم التمسك بالصيغة الرسمية (أي القاموس) أو استخدام مصطلحات غير رسمية في بعض الحيان، مثل "سبانغليش"، من أجل إيصال رسائلهم بشكل أكثر فعالية. وفي بعض الأحيان، يمكن لهذا التكتيك الأخير أن يسفر عن نتائج عكسية.
وكنت شخصياً على الطرف المتلقي لتلك النتائج العكسية. ومنذ عدة سنوات، عندما كنت متدرباً في قناة "تونيفيجن" التلفزيونية، كنت أتلقى مكالمات من مشاهدين غاضبين يشتكون من استخدام الـ"سبانغليش" على التلفاز. وكانت حجتهم أن "سبانغليش" يهين لغتنا، وجعلهم ذلك يشعرون بأن "يونيفيجن" تعاملهم بفوقيّة. ولا تخلو نظرتهم من الصحة، إلا أن قناة "يونيفيجن" الرئيسية تستهدف الجيل الأول من اللاتينيين، وتتمتع بعلامة تجارية معتبرة، وبالنسبة للكثير من المهاجرين البعيدين عن ديارهم، تمثل القناة بوابةً منصة لمجموعة واسهة من المواضيع، كالتعليم، والرعاية الصحية، والسياسة، والهجرة. ولذلك ربما لم تكن قناة "يونيفيجن" في تلك الأيام مناسبة للـ"سبانغليش" (ورغم ذلك، تغيّر الزمن).
وبرأيي، فإن استخدام اللغة العامية يساعد العاملين في مجال التواصل أحياناً على إيصال رسائلهم لجمهورهم المستهدف. وفيما يلي بعض الاعتبارات التي سوف تساعدك في تحديد ما إذا كان عليك استخدام مصطلحات غير رسمية أم لا.
خذ الهدف من التواصل بعين الاعتبار
إذا كان الهدف هو إيصال معلومات قانونية، وصحية، ودوائية، وسياسية، وحكومية، لا يُنصح باستخدام اللغة العامية. في أفضل الأحول، سوف تشتت اللغة العامية انتباه الناس في هذا السياق وتقلل من جديّة الرسالة، وبأسوأ الأحوال تجعل الشركة معرض لمخاطر قانونية. وإذا كان الهدف من عملية التواصل إيصال رسالة ترويجية لا تخضع لتوجيهات قانونية وتنظيمية صارمة، فإن استخدام بعض الكلمات العامية قد يساعد علامتك التجارية في الحصول على مصداقية لدى جمهورها المستهدف.
حدّد هوية جمهورك
في الولايات المتحدة الأميركية، تستهدف حملة "فيريزون وايرلس"، "Bienvenido a lo mejor" (أهلاً بكم في الأفضل) جيل الألفية الإسباني-الأميركي. وقد قامت الحملة بعملٍ جيّد عندما تواصلت مع جمهورٍ شاب باستخدام مصطلحات "سبانغليش" مثل "سويتشيا" (تحويل)، "بوستيا" (نشر)، لايكيا (إعجاب). وبالمناسبة، هذه المصطلحات لا تُستخدم في اللغة الإنجليزية الرسمية ولا في قواميس اللغة الإسبانية.
ويقدّم إعلان ضمن حملة أغنية ريجيتون تروّج لفوائد شبكة "فيريزون". (ريجيتون هو نمط موسيقي نشأ في بورتوريكو، ويمزج بين الهيب هوب، والموسيقى الكاريبية واللاتينية). وفي هذه الحالة، كانت الحملة موجهة لجيل الألفية الذين غالباً يتقبلون استخدام الـ"سبانغليش" إذا كانوا قد ولدوا ونشؤوا في الولايات المتحدة. أما اللاتينيون المولودون في الخارج فهم أقل تقبلاً لهذه المصطلحات.
وقد تشير بعض المصطلحات العامية إلى أشخاص في مهنة معينة، وهذا مقبولٌ عموماً. على سبيل المثال، كلمة "روفيرو" تعد "سبانغليش" مستخدمة من قبل المكسيكيين للتعبير عن المعماري المتخصص في الأسطح، ولا يمكن أن نجدها في قاموسٍ اللغة الإسبانية، بينما كلمة "techador"، والتي تعد مصطلحاً رسمياً، ليست مستخدمة بين المعماريين اللاتينيين في الولايات المتحدة.
إن التواصل الموجّه لهؤلاء المعماريين ربما لن يكون فعالاً إذا لم يتم استخدام المصطلح بالـ"سبانغليش". وينطبق الأمر ذاته على الحقول، فيما يعلق بالكلمات المستخدمة بشكل شائع بين المزارعين اللاتينيين. لاحظ زميلٌ لي كان يعمل في "California's Central Valley" بمجال التواصل الحكومي الموجع للعمّال في القطاع الزراعي، أنه رغم مقاومته استخدام الكلمة الإنجليزية للتواصل باللغة الإسبانية، فهم أن توظيف الكلمة بالإنجليزية سيكون أكثر فعالية من استخدام الإسبانية.
تأكد من أن شخصية علامتك التجارية مناسبة
قد يكون مغرياً في بعض الأحيان استخدام اللغة العامية لأنها تشعر المتحدث بأنه "داخل في الجو". لكن إذا كان هذا النمط غير متوافقٍ مع نمط تواصل علامتك التجارية، فلا تستخدمه. ومؤخراً، حاولت بعض العلامات التجارية استخدام بعض المصطلحات الرائجة على الإنترنت في عمليات التواصل لديها لتبدو شبابيةً أكثر. بعض العلامات التجارية مناسبة لمثل هذا النوع من التواصل، بينما قد يبدو الآخرون مستقتلين. إن التفاعل على وسائل التواصل الاجتماعي بعد استخدام العلامة التجارية لمصطلحات عامية غالباً طريقة مثالية لمعرفة ما إذا تم استخدامها بطريقة صحيحة. وقبل بضع سنوات، بدأت عدة شركات تستخدم "bae" و"fleek" وغيرها كي تبدو أكثر شبابية. "Bae" تعني حبيب أو حبيبة، بينما "on fleek" تعني على الهدف تماماً. وبدأت هذه الكلمات تصبح جزءاً شائعاً من مفردات هذه الشركات لدرجة أنه تم إنشاء حساب على "تويتر" باسم "Brands saying Bae" (لديه قرابة 40 ألف معجب) للسخرية من الشركات التي تستخدم هذه الكلمات العامية.
يمكن لبعض العلامات التجاري النجاح في هذا بينما يفشل آخرون. حاز "تاكو بل" و"بيتزا هت" على تفاعلٍ إيجابي في مواقع التواصل الاجتماعي بعض استخدامها مثل هذه المفردات. بينما لم تحصل شركات أخرى، مثل "ستابلز"، على ردود فعل إيجابية. وربما يعود السبب إلى كون المستهلكين الذين يستخدمون هكذا كلمات على ارتباط أكبر بـ"بيتزا هت" و"تاكو بل"، أما "ستابلز" التي توفر لوازم المكاتب، فكان استخدامها هذه الكلمات غير مناسب. على العلامات التجارية أن تفهم وتعرف جمهورها قبل اللجوء إلى المفردات العامية. إن المستهلكين اليوم أكثر إدراكاً وذكاءً مما مضى، والتواصل بطرقٍ لا تناسب شخصية العلامة التجارية قد تجعلها تبدو متعالية أو مستقتلة.
حاول أن تصبح جزءاً من المجتمع، فالإعلانات الشبابية وحدها لا تكفي
توظف العلامات التجارية اللغة العامية كي تنال إعجاب جمهورٍ أصغر سناً وأكثر تنوّعاً. لكن إذا أرادت العلامة التجارية أن تكبر بالفعل داخل هذه المجتمعات، عليها أن تجد طرقاً مجدية أكثر من الإعلان باستخدام مفرداتٍ عامية لامعة. على الشركات أن تكون أصيلة وأن تصبح جزءاً من المجتمعات التي تسوّقها.
ومن الجيد البدء بالعمل مع مختصي تواصل منتمين لهذا المجتمع المستهدف. وكثيراً ما سمعت شركاتٍ تشتكي أنهم فقدوا الأمل من التواصل مع جيل الألفية من الإسبانيين-الأميركيين لأنهم لا يرون أي نتائج رغم إنفاقهم الكبير على وسائل الإعلام الإسبانية-الأميركية. وعند سؤالهم عما كانوا يفعلونه، كان جوابهم أن وكالة التسويق لديهم ترجمت المواد التسويقية إلى الإسبانية كي يتم بثها على "يونيفيجن". وهذا النهج خاطئ للعديد من الأسباب. لابد وأن تتم استشارة مختصي التواصل الذين هم على دراية جيدة بالشباب اللاتيني عند استهداف هذا المجتمع.
بالإضافة إلى ذلك، عند محاولة الوصول إلى قطاعات معينة في السوق، مثل جيل الألفية الإسباني-الأميركي، على الشركات أن تطوّر نهجاً استراتيجياً يتجاوز الإعلان. وقد يشمل هذا توظيف أفراد من المجتمع المستهدف، والتواصل الداخلي، والعلاقات المجتمعية، وتطوير المنتج، والتسويق. ولتحقيق النجاح على المدى البعيد، لابد وأن يكون هناك مواءمة بين الاستراتيجية والتنفيذ.
تحذير واجب .
لا يحق نشر أي جزء من منشورات ميديا & PR، أو اختزان مادته بطريقة الاسترجاع، أو نقله على أي نحو، سواء إلكترونياً أو ميكانيكياً أو خلاف ذلك دون الاشارة الى المصدر، تحت طائلة المساءلة القانونية.
يرجى التواصل لطلب إذن الاستخدام :
info@ipra-ar.org
info@sia-sy.net
مرحبا بك في IPRA
آخر المقالات:
الاتّصالات المتعلّقة بتغيّر المناخ: اتّجاهات من ثلاث سنوات من المرشّحين النّهائيّين للجّائزة العالميّة الذّهبية للجّمعية الدّوليّة للعلاقات العامّة IPRA
كيف يتمّ تحديد الفائز؟ تمّ تقديم فئة التّغيّر المناخيّ في عام 2022، وهي الفئة الذّهبيّة لجوائز IPRA العالميّة لتغيّر المناخ، والّتي تسلّط الضّوء على دور العلاقات العامّة في معالجة أزمة المناخ.
بقلم دانيال سيلبرهورن Daniel Silberhorn
إضفاء الطّابع الإنساني على الذّكاء الاصطناعي: مشاركة الناس في جوهر الحوار
يمكن لمحترفي العلاقات العامّة سدّ الفجوة بين التّكنولوجيا والبشريّة - وعلينا أن نفكّر في الذّكاء الاصطناعيّ بوصفه "تفسيراً اصطناعيّاً".
بقلم روجر هورني Roger Hurni
طريق قيّمٌ ذو اتّجاهين: إطلاق العنان لقوّة التّوجيه في العلاقات العامّة والاتّصالات العالميّة
أصبح التّوجيه أكثر أهمّيةًًً من ذي قبل، وينبغي على أعضاء الجمعيّة الدّوليّة للعلاقات العامّة IPRA الالتزام به مدى الحياة.
بقلم فيليب تيت Philip Tate
آخر الأخبار :
-
الاتّصالات المتعلّقة بتغيّر المناخ: اتّجاهات من ثلاث سنوات من المرشّحين النّهائيّين للجّائزة العالميّة الذّهبية للجّمعية الدّوليّة للعلاقات العامّة IPRA
كيف يتمّ تحديد الفائز؟ تمّ تقديم فئة التّغيّر المناخيّ في عام 2022، وهي الفئة الذّهبيّة لجوائز IPRA العالميّة لتغيّر المناخ، والّتي تسلّط الضّوء على دور العلاقات العامّة في معالجة أزمة المناخ.
بقلم دانيال سيلبرهورن Daniel Silberhorn
-
إضفاء الطّابع الإنساني على الذّكاء الاصطناعي: مشاركة الناس في جوهر الحوار
يمكن لمحترفي العلاقات العامّة سدّ الفجوة بين التّكنولوجيا والبشريّة - وعلينا أن نفكّر في الذّكاء الاصطناعيّ بوصفه "تفسيراً اصطناعيّاً".
بقلم روجر هورني Roger Hurni
-
طريق قيّمٌ ذو اتّجاهين: إطلاق العنان لقوّة التّوجيه في العلاقات العامّة والاتّصالات العالميّة
أصبح التّوجيه أكثر أهمّيةًًً من ذي قبل، وينبغي على أعضاء الجمعيّة الدّوليّة للعلاقات العامّة IPRA الالتزام به مدى الحياة.
بقلم فيليب تيت Philip Tate