استراتيجيات لتحقيق هيمنة العلامات التجارية: كيفية إحراز نجاحٍ دائمٍ



العلاقات العامة هي عالم يتطور باستمرار، ومن المهم أن تبقى العلامات التجارية في طليعته إذا ما أرادت أن تفرض هيمنتها ضمن الصناعات الخاصة بها، هذا من جهة. أمّا من جهةٍ أخرى، فأصبح النمو المستمر لمنصات الوسائط الرقمية، ووسائل التواصل الاجتماعي يفرض عليها ضرورة خوض تعقيدات بناء روابط حقيقية مع جماهيرها في بيئة الانترنت المزدحمة وسريعة الخطى.    

فيما يلي ذكر لأهم اتجاهات العلاقات العامة التي يجب أن تأخذها العلامات التجارية في عين الاعتبار إذا ما أرادت أن تحظى بموقع ريادي في السوق. إذا ما نُفِّذت هذه الاستراتيجيات بشكلٍ فعّال، سيصبح بإمكان علامتك التجارية أن تهيمن على مشهد العلاقات العامة، وأن تتصل بجمهورها بشكلٍ أعمق، وتحقق نجاحاً طويل الأمد.

العلاقات العامة القائمة على الأهداف: إنّ أحد أهم الاتجاهات في السنوات الأخيرة هو بروز العلاقات العامة القائمة على الأهداف. أصبح المستهلكون ينجذبون بشكلٍ متزايد إلى العلامات التجارية التي تتوافق مع قيمهم، وتمثّل شيئاً ذي معنى. ولهذا السبب، يجب أولاً أن تضع علامتك التجارية هدفاً واضحاً لها، وثانياً أن تقوم بإيصاله بفعالية إلى جمهورك المستهدف عبر جهود العلاقات العامة حتى يتسنّى لها أن تشكّل روابط أقوى معه؛ روابط تتجاوز مجرد علاقات المعاملات التجارية، وذلك من خلال الاتصال بعواطفه وتطلعاته.      

شخصنة رواية القصص: لا يزال إضفاء الطابع الشخصي أحد أكثر الاستراتيجيات تأثيراً في العلاقات العامة. يجب أن تركز العلامات التجارية على تصميم رسائلها بالشكل الذي يناسب الشرائح المختلفة لجماهيرها. فباستخدام البيانات وتحليلها، بإمكانك معرفة تفضيلات جمهورك المستهدف واهتماماته وقيمه، وبالتالي جذب انتباهه من خلال تقديم قصص مقنعة تجد صداها لدى شرائح أو فئات معينة، وتنشئ اتصالاً أقوى بعلامتك التجارية. 

الشراكات مع المؤثرين: تطور التسويق من خلال المؤثرين بشكلٍ كبير على مر السنوات، وأصبح من الضروري التعاون مع المؤثرين ذوي الصلة ممّن يؤمنون حقاً بقيم علامتك التجارية، ومنتجاتها/خدماتها. ابحث عن المؤثرين الذين لديهم جماهير متفاعلة تتوافق مع سوقك المستهدف وابنِ علاقات قوية معهم؛ ممّا قد يؤدي إلى إنشاء محتوى ذي أصالة، وأن يزيد من ظهور علامتك التجارية؛ فضلاً عن خلق شعور بالثقة عند المستهلكين.    

مناصرة الموظفين للعلامة التجارية: باستطاعة موظفيك أن يمارسوا دوراً محورياً في العلاقات العامة. فمن خلال حثّهم على مشاركة تجاربهم وخبراتهم وقصصهم، تستطيع أن تضفي طابعاً إنسانياً على علامتك التجارية، وأن تعزّز مصداقيتها. في هذا السياق، يمكنك الاستفادة من موظفيك كمناصرين لعلامتك التجارية من خلال تمكينهم وتزويدهم بالأدوات اللازمة، والمبادئ التوجيهية لمشاركة رؤاهم على وسائل التواصل الاجتماعي، أو أقنية العلاقات العامة الأخرى. إنّ مثل هدا المحتوى المصنوع من قبل الموظفين يزيد من مصداقية العلامات التجارية، ويساعد على تشكيل روابط أقوى بينها وبين جماهيرها.

إدارة الأزمات في الوقت الحقيقي: يتعين على العلامات التجارية أن تبقى متهيأةً دوماً للتعامل مع الأزمات في الوقت الحقيقي، خصوصاً في ظل الانتشار السريع للمعلومات على منصات وسائل التواصل الاجتماعي. يتضمّن ذلك الاستثمار في خطط لإدارة الأزمات تشتمل على المراقبة المستمرة لوسائل التواصل الاجتماعي، والمعالجة السريعة للمشكلات، والتواصل الشفاف. هذه الإدارة الفعالة للأزمات تمكِّن العلامات التجارية من تخفيف الآثار السلبية للأزمة إلى أدنى قدر ممكن، وأن تحافظ على سمعتها وعلى ثقة المستهلكين بها.

أدوات العلاقات العامة المدعومة بالذكاء الصنعي: يواصل الذكاء الصنعي إحداث ثورةٍ في العديد من الصناعات؛ بما فيها صناعة العلاقات العامة. تعد الأدوات المدعومة بالذكاء الصنعي عاملاً قيّماً يساعد على مراقبة التغطية الإعلامية، وتحليل المشاعر، وتحديد الاتجاهات، واكتساب رؤى قابلة للتنفيذ. انطلاقاً من ذلك؛ لابدّ أن تتبنى العلامات التجارية تقنيات الذكاء الصنعي تحقيقاً لعدة أهداف؛ منها: تبسيط عمليات العلاقات العامة الخاصة بها، وتعزيز عملية صنع القرار المستندة إلى الأهداف، وكذلك لتحسين الاستراتيجيات بما يجعلها مؤثرة بأكبر قدر ممكن.

محتوى الفيديو والوسائط المتعددة: تزايدت معدلات استهلاك محتوى الفيديو والوسائط المتعددة بشكلٍ كبير خلال السنوات القليلة الماضية؛ الأمر الذي يستوجب استثمار العلامات التجارية في إنتاج محتوى الفيديو عالي الجودة، وأن تستفيد من محتوى الوسائط المتعددة الجذاب في حملات العلاقات العامة الخاصة بها. إنّ محتوى الفيديو يحقق عدة أمور؛ حيث يقوم بإيصال القصص من جهة، ويثير المشاعر من جهة ثانية، ويجذب انتباه الجمهور بشكل فعال من جهة أخرى، ويمكن للعلامات التجارية أن تستغل هذا الأمر وتصنع تجربةً غامرةً وأكثر تأثيراً من خلال إدماج عناصر الفيديو والوسائط المتعددة عبر مختلف المنصات.

قيادة الفكر: إنّ تحوّل علامتك التجارية إلى قائد للأفكار من شأنه أن يعزّز من سمعتها ومصداقيتها. ابحث بشكلٍ متواصل عن الفرص لعرض الخبرات والرؤى. شجِّع مدراءك التنفيذيين والخبراء المعنيين على المشاركة في أنشطة النقاش والتحدث، والمساهمة بنشر المقالات في الدوريات المعنية بصناعتك، وكذلك المشاركة في البرامج الإذاعية/البودكاست. على هذا النحو، ستتمكّن علامتك التجارية من مشاركة معارفها القيِّمة ومنظورها، ممّا يجعلها سلطة موثوقة ضمن صناعتها.  

المسؤولية الاجتماعية والاستدامة: يزداد وعي المستهلكين بالمسائل الاجتماعية والبيئية يوماً بعد يوم، وتعدّ عملية التواصل بشكلٍ فعّال مع جمهور واع كهذا أمراً ليس بالسهل. لكي تتمكن العلامات التجارية من التواصل مع هكذا جمهور، لابدّ لها أن تهتم كل الاهتمام بتكريس نفسها للمسؤولية الاجتماعية والاستدامة، وكذلك بجعلهما جزءاً لا يتجزأ من علاقاتها العامة. فاستعراض المبادرات والشراكات والإنجازات التي تجسّد التزام علامتك التجارية بإحداث أثر إيجابي هو أمر بالغ الأهمية. ومن خلال معالجة هذه المخاوف ودمجها في سرد علامتك التجارية بإمكانك جذب هؤلاء المستهلكين الواعين، وتعزيز سمعتك بمجملها في السوق.   

خصوصية البيانات والشفافية: نعيش الآن في وقت يتنامى فيه قلق المستهلكين حول خصوصية بياناتهم بشكلٍ مستمر، وبالتالي فإنّ شفافية العلامات التجارية فيما يتعلّق بجمع بيانات العملاء، وتخزينها واستخدامها أصبحت أكثر أهمية من أي وقت مضى. يتم ذلك من خلال اتخاذ إجراءات قوية وفعالة ترتبط بخصوصية البيانات، وإعلام المستهلكين بها. على سبيل المثال؛ يساهم توضيح سياسيات وممارسات حماية البيانات في بناء الثقة بعلامتك التجارية وكذلك في حماية سمعتها. 

العلاقات العامة المرتكزة على المحلية: نشهد في وقتنا الحاضر تحوّلاً يحدث في تفضيلات المستهلكين يتمثل في رغبتهم بدعم الأعمال المحلية، وهنا تبرز العلاقات العامة المرتكزة على المحلية كممارسةٍ لابدّ منها. يجب على العلامات التجارية أن تركز على الاتصال أكثر بمجتمعاتها المحلية، وعلى تصميم رسائلها يما يتوافق مع الاحتياجات والمصالح الخاصة بأعضاء هذه المجتمعات. يشتمل ذلك على إقامة الشراكات مع المؤثرين المحليين، ورعاية الفعاليات المحلية، والمشاركة في المبادرات المجتمعية، وهي جميعها ممارسات تزيد من ظهور العلامة التجارية، وكذلك تعزّز من حس الولاء لدى المستهلكين تجاهها. 

الاستماع والتفاعل الاجتماعي: على الرغم من أنّ منصات وسائل التواصل الاجتماعي لا تزال تشكل أحد أهم أقنية العلاقات العامة؛ إلا أنّ مجرد تواجد العلامات التجارية عليها ليس بالأمر الكافي، ومن الضروري إلى جانب ذلك أن تقوم بالاستماع للمحادثات الاجتماعية، وأن تتفاعل بشكل متواصل مع الجماهير على أرض الواقع. في هذا السياق، يمكن للعلامات التجارية أن تكوِّن لنفسها صورةً إيجابية، وأن تبني علاقاتٍ أقوى ما بينها وبين جماهيرها من خلال عدة أمور؛ مثل مراقبة الكيفية التي يُشار بها إلى العلامة التجارية، ومعالجة استفسارات العملاء أو مخاوفهم بشكل فوري؛ إضافة إلى المشاركة في النقاشات الهادفة.

الواقع المعزّز والواقع الافتراضي: تتيح التقنيات الأحدث؛ مثل تقنيتي الواقع الافتراضي والواقع المعزز فرصة استخدام طرقاً مبتكَرةً للتفاعل مع الجماهير، وخلق تجارب غامرة في إطار العلامات التجارية، والتي بإمكانها أن توظف هاتين التقنيتين لعرض منتجاتها، أو لأخذ المستهلكين في جولات افتراضية، أو لصنع تجاربٍ تفاعلية تجذب انتباه واهتمام جمهورها المستهدف.

صغار المؤثرين: على الرغم من أهمية الشراكات مع كبار المؤثرين؛ إلا أنّ الشراكة مع صغار المؤثرين أصبحت تستقطب اهتماماً متزايداً؛ مثل هؤلاء المؤثرون يستعيضون عن صغر حجم جماهيرهم بمعدلات تفاعل أكبر وروابط أقوى بينهم وبين متابعيهم، وهنا تبرز أهميتهم؛ فالشراكة مع صغار المؤثرين ممّن لديهم انجذاب قوي تجاه علامتك التجارية تنتج رسالة علامة تجارية أكثر أصالةً وتأثيراً؛ الأمر الذي يزيد بدوره من الحس بالثقة والولاء لدى جمهورك المستهدف. 

تكامل حملات العلاقات عامة والحملات التسويقية: يعدُّ التكامل ما بين جهود العلاقات العامة والحملات التسويقية أمراً أساسياً يساهم في تعظيم ظهور العلامة التجارية وتأثيرها؛ إذ أنّ المواءمة ما بين رسائل العلاقات العامة ومحتواها واستراتيجياتها من جهة، والأهداف التسويقية الشاملة من جهةٍ أخرى، يتيح للعلامات التجارية القدرة على تكوين صورة متماسكةٍ ومتسقةٍ لنفسها عبر مختلف الأقنية. يساعد هدا التكامل على تقوية وتعزيز الرسائل الرئيسية للعلامة التجارية، ويزيد من فعالية حملاتها، وكذلك من الوعي بها.  

يجب أن تظلّ العلامات التجارية مطلعةً على أحدث الاتجاهات ومتكيفة معها، وأن تعدّل من استراتيجياتها وفقاً لذلك، إذا ما أرادت أن تحافظ على قدرتها التنافسية في السوق من خلال زيادة ظهورها، وبناء مصداقيتها، وتعزيز ولاء عملائها تجاهها. إنّ تنفيذ الاستراتيجيات المذكورة من شأنه أن يمكِّن العلامات التجارية من تعزيز موقعها في السوق، وتكوين روابط أقوى بينها وبين جماهيرها المستهدفة، وتحقيق نجاحٍ دائمٍ في مشهد العلاقات العامة الذي يتسم بالديناميكية والمنافسة الشرسة.

 

 


تابعنا :
آخر المقالات:
آخر الأخبار :