القوى الدّافعة في الاتّصالات المؤسّسيّة: التّحدّيات التّشغيليّة والاستراتيجيّة



إذا كنتَ تريدُ البقاءَ على قيدِ الحياة في غابةِ التّحدّيات الاستراتيجيّة والتّشغيليّة، فأنتَ بحاجةٍ إلى الوضوحِ وإلقاءِ نظرةٍ عامّةٍ قبلَ كلِّ شيء. بقلم أندرياس هامر Andreas Hammer.

 

لا يجوزُ لنا أن نحسدَ محترفي الاتّصالات: حيثُ يتعيّنُ على أيِّ شخصٍ تلبيةَ العديدِ من احتياجاتِ مجموعاتٍ مختلفةٍ من أصحابِ المصلحةِ في بيئةٍ شديدةِ التّقلبِ في كثيرٍ منَ الأحيان، وعادةً ما تكونُ بها مواردُ قليلةٌ جدّاً، يحتاجُ فيها محترفُ الاتّصالاتِ - في وقت قصيرّ للغاية - أعصاباً من فولاذ.

ومع ذلك، لا يكادُ يرغبُ أيُّ متخصّصٍ في الاتّصالاتِ في تغييرِ وظيفته: لأنَّ فرصةَ إدارةِ موضوعاتٍ مثيرةٍ في حوارٍ مباشرٍ مع الإدارةِ العليا والخبراءِ الفنّيينَ هيَ فرصةٌ جذّابةٌ ومتنوّعة.

وعلى أيّةِ حالة، بالكادِ يسعى أيُّ متخصّصٍ في الاتّصالاتِ إلى تغييرِ وظيفته: حيثُ تُعَدُّ فرصةُ إدارةِ الموضوعاتِ المثيرةِ في الحوارِ المباشرِ معَ الإدارةِ العليا والخبراءِ الفنّيّينَ جذّابةً ومتنوّعة.

سبعةُ تحدّياتٍ تشغيليّة

يواجهُ متخصّصو الاتّصالاتِ على جميعِ المستوياتِ تحدّيات خاصّة، حيثُ يتعيّنُ عليهم التّعاملُ معَ أهمِّ سبعةِ محرّكاتٍ في نفسِ الوقت:

  1. التّوقعاتُ العاليةُ لأصحاب المصلحة

يتوقّعُ المديرونَ والموظّفونَ والعملاءُ والموردونَ والسّلطاتُ والعديدُ من مجموعاتِ أصحابِ المصلحةِ الأخرى الوصولَ عبرَ الهاتفِ المحمولِ إلى جميعِ المعلوماتِ المهمّةِ للشّركة، والتّوافرَ على مدارِ السّاعةِ طوالَ أيّامِ الأسبوع، كما يتوقّعونَ أوقاتَ الاستجابةِ السّريعةِ ومستوىً عالٍ منَ الحوار، وتجربةَ أصحابِ المصلحةِ منَ الدّرجةِ الأولى، بالإضافةِ إلى قيمةٍ مضافة واضحةٍ وقابلةٍ للقياس.

  1. المحتوى والقيم

بغضِّ النّظرِ عمّا يتمُّ إرساله: يجبُ أن تكونَ المعلوماتُ جديرةً بالنّشرِ وذاتَ صلةٍ بالمجموعاتِ المستهدفة، ومنَ الأفضلِ أن تستندَ إلى بياناتٍ مثاليّةٍ ودقيقةٍ وحقيقيّةٍ وذاتِ مصداقيّة – وأن تكونَ على الأقل مسلّيةً من حينٍ لآخر.

  1. الموظّفونَ المتطلّبون

على الرّغمِ من كلِّ التّحوّلِ الرّقمي، فإن أعمالَ الاتّصالاتِ هي دائماً أعمالٌ تتعلّقُ بالأفراد، حيثُ يتواصلُ الأشخاصُ معَ الآخرين، وأيُّ شخصٍ يتجاهلُ هذا سيتمُّ تذكيرهُ بسرعة. وغالباً ما يكونُ الموظّفونَ الّذينَ يقودونَ الشّركة منَ الشّباب، ولديهم هدفٌ محدّد، ويتمتّعونَ بمستوىً صحيٍّ منَ الثّقةِ بالنّفس، ويتوقّعونَ التّنوعَ والشّمولَ والتّوازنَ الصّحيَّ بينَ العملِ والحياة.

  1. الموارد

غالبًا ما يواجهُ جبلُ المهامِ فرقَ اتّصالاتٍ هزيلةٍ تحاولُ إبقاءَ رؤوسها فوقَ الماء (وبأقلّ منَ الميزانيّة) من خلالِ الاستعانةِ بمصادرَ خارجيّة. ومع ذلك، غالباً ما تستغرقُ إدارةُ المواردِ الخارجيّة وقتاً أطولَ من إدارةِ الموظّفينَ الإضافيّين - إذا كانَ لديك هؤلاءِ الموظّفين.

  1. التّكنولوجيا والعمليات

ضربت موجةُ التّحوّلِ الرّقميِّ مهنةَ الاتّصالاتِ منذ 20 عاماً. وبغضِّ النّظرِ عن ذلك، يتمُّ إنشاءُ مجالاتِ توتّرٍ جديدةٍ باستمرار. من خلالِ عملياتِ الأتمتةِ على سبيلِ المثال أو الذّكاءِ الاصطناعيِّ التّوليديِّ أو ضغطِ الوقتِ المرتفعِ أو المتطلّباتِ المتزايدةِ باستمرارٍ لحمايةِ البياناتِ وأمنها.

" الذّكاءُ الاصطناعيُّ التّوليديُّ Generative AI هو نوعٌ منَ الذّكاءِ الاصطناعيِّ (مثلَ ChatGPT) يمكنهُ إنشاءُ أشكالٍ جديدةٍ منَ المحتوى الإبداعي، مثلَ الصّوتِ والصّورِ والتّعليماتِ البرمجيّة والنّصِّ والكلامِ والموسيقى والمحاكاةِ ومقاطعِ الفيديو، بينما يقومُ بتفسيرِ البياناتِ الموجودةِ مسبقاً ومعالجتها."

"ارتفاعُ ضغطِ الوقت هو نوعٌ منَ الضّغطِ النّفسيِّ الّذي يحدثُ عندما يكونُ لدى الشّخصِ وقتٌ أقل (حقيقيٌّ أو متصوّر) أقلُّ من اللّازمِ لإكمال مهمّته."

  1. النّظمُ البيئيّة

أصبحت مهنةُ الاتّصالِ أقلَّ وضوحاً، فهي مليئةٌ بموفّري المحتوى المتخصّصينَ للغاية، وعالَمِ الوكالاتِ الّذي يعيدُ اختراعَ نفسهِ بالكامل كلَّ ثلاثِ سنواتٍ أو نحوَ ذلك، وتدفّقٍ لا ينتهي منَ الطّلباتِ المختلفة.

  1. مخاطرُ جديدة

إنَّ الوجودَ الحقيقيَّ أو حتّى المحتملَ لما يسمّى بغرفِ صدى وسائلِ التّواصلِ الاجتماعيِّ والمعلوماتِ الخاطئة والتّزييفِ العميق، يدمّرُ الثّقةَ ويجعلُ منَ الصّعبِ بشكلٍ متزايدٍ الوصولُ إليها حتّى مع المعلوماتِ القائمةِ على الحقائق. والحقيقةُ أنَّ ما يسمّى بقادةِ الرّأيِ في وسائلِ الإعلام ووسائلِ التّواصلِ الاجتماعيِّ والسّياسة، وحتّى في العلوم، غالباً ما يستسلمونَ لغريزةِ القطيعِ ويحبّونَ تقليدَ الآخرين، وعادةً ما يكونُ زمنُ ردِّ الفعلِ أكثرَ أهميّةً منَ المحتوى وعمقِ التّفكير، ممّا يجعلُ التّواصلَ أكثرَ صعوبة.

تحدّيانِ استراتيجيّان

في العادةِ يطغى على الدّوافعِ التّشغيليّةِ تحدّيانِ استراتيجيّان، واللّذان - على الرّغمِ من أهمّيتهما على المستوى الشّخصيِّ - يجعلانِ الأوّلَ يتلاشى ويصبحُ بلا أهميّة:

  1. توقّعاتُ العملاءِ ومجلسِ الإدارةِ والإدارة

العميلُ هو الملك، والرّئيسُ هو صاحبُ القرار. الأمرُ بهذهِ البساطةِ عندما يتعلّقُ بالتّواصل. وقد تكمنُ استراتيجيّاتٌ واضحةٌ وخططٌ متينةٌ وراءَ توقّعاتِ ومطالبِ مجلسِ الإدارة والمجلسِ التّنفيذيِّ فيما يتعلّقُ بالاتّصالاتِ المؤسّسيّة، كما قد تعكسُ هذهِ الاستراتيجيّاتُ والخططُ مطالبَ مجموعاتِ الضّغط، أو قد تكونُ مجرّدَ نتيجةِ نزوة. حيثُ يجبُ أن يكونَ متخصّصو الاتّصالاتِ قادرينَ على التّعاملِ مع هذا المزيجِ من الحقائقِ والرّؤى والقيمِ، والمؤثّراتِ الأخرى.

  1. التّحدّياتُ والاضطراباتُ في العمل

النّموذجُ يتبعُ الدّالة. وينطبقُ هذا أيضاً بينَ الاتّصالِ والشّركة. بمعنىً آخر، تخضعُ كلُّ شركةٍ لقوىً رئيسيّةٍ منَ السّياسةِ (الجغرافيّةِ) والتّنظيم، حيثُ يجبُ أن تتعاملَ الشّركةُ مع الابتكاراتِ الاجتماعيّةِ واحتياجاتِ العملاءِ المتغيّرة، والّتي تكونُ مدفوعةً بالتّطوراتِ الاقتصاديّة، وعلى وجهِ الخصوص، التّطوراتِ التّكنولوجيّة، كما تفطِنُ لآثارِ تغيّرِ المناخ. وبناءً على ذلك، يجبُ على الاتّصالاتِ أيضاً أن تعيدَ اختراعَ نفسها باستمرارٍ إذا أرادت تحقيقَ مَهمّتها الأساسيّةِ المتمثّلةِ بنقلِ المعلوماتِ، وخلقِ الثّقةِ، وتحفيزِ السّلوك.

M- P- R -L  تهيّئُ الوضوحَ والنّظرة العامّة

"M – P – R – L مختبر التشغيل الآلي وتصنيع المنتجات"

على الرّغمِ من كلِّ المحفّزاتِ المعلوماتيّة، فإنَّ الطّريقَ عبرَ هذهِ الغابةِ ليسَ بهذا التّعقيد. ويتطلّبُ ذلكَ في المقامِ الأوّلِ الوضوحَ ولمحةً عامّة تشمل:

  • المَهمّة: ما هي مَهَمّةُ التّواصل، وما هي توقّعاتُ أهمِّ مجموعاتِ أصحابِ المصلحة؟
  • الخُطّة: ما هي الاستراتيجيّةُ وخطّةُ العملِ والتّوقيتُ ومؤشّراتُ الأداءِ الرّئيسيّةِ الّتي نستمدّها من ذلك؟
  • الموارد: ما هي المواردُ البشريّةُ والتّقنيّةُ والمكانيّةُ والماليّةُ المتوفّرةُ لدينا؟ وهل هي كافيةٌ لإنجازِ المَهمّةِ بشكلٍ صحيح؟
  • القيادة: هل نحنُ قادرونَ وراغبونَ في تنفيذِ استراتيجيّتنا بشكلٍ منهجي؟ وهل لدينا السّلطةُ اللّازمةُ وحريّةُ اتّخاذِ القرارِ والخبرة؟

أولئكَ الّذينَ يمكنهم الإجابةُ على كلِّ هذهِ الأسئلةِ بإثباتٍ واضح سيكونونَ قادرينَ على تأكيدِ أنفسهم كمحترفينَ في مجالِ الاتّصالاتِ الّتي تتّسمُ ببعدِ النّظر حتّى في البيئةِ الشّديدةِ التّعقيد.

 

 

المؤلّف أندرياس هامر Andreas Hammer

أندرياس هامر هو رئيسُ قسمِ الاتّصالاتِ والشّؤونِ العامّةِ في شركة ديلويت Deloitte سويسرا.

https://www.ipra.org/news/itle/itl-558-driving-forces-in-corporate-communications-operational-and-strategic-challenges/

ترجمة وتدقيق صَبَا إبراهيم سعيد

 

تحذير واجب.

 
لا يحق نشر أي جزء من منشورات ميديا & PR، أو اختزان مادته بطريقة الاسترجاع، أو نقله على أي نحو، سواء إلكترونياً أو ميكانيكياً أو خلاف ذلك دون الاشارة الى المصدر، تحت طائلة المساءلة القانونية
 

يرجى التواصل لطلب إذن الاستخدام:

info@ipra-ar.org

 

 


تابعنا :