إدارة المخاطر العالمية الناشئة: حيث يأتي دور الاتصالات الاستراتيجية

إن ضمان تحوّل الرؤساء التنفيذيين والمؤسسات إلى مصادر معلومات جديرة بالثقة سيلعب دوراً رئيسياً في تعزيز مستويات الثقة والتفاؤل.

بقلم أديدوين جايسيميAdedoyin Jaiyesimi.

كنا نعتقد أن عام 2024 كان حافلاً بسلسلة من الأحداث غير المتوقعة التي هزت المشهد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في جميع أنحاء العالم، فقد أظهرت لنا الأسابيع القليلة الأولى من عام 2025 أن هذا الاتجاه لن يذهب لأي مكان خلال وقت قريب.

من أداء رئيس جديد في أمريكا لليمين الدستورية إلى إطلاق سياسات وطنية ودولية مثيرة للجدل ذات عواقب بعيدة المدى، يتغير الوضع الراهن بسرعة، حاملاً معه مجموعة جديدة من المخاوف والتحديات التي يتعين على العالم مواجهتها.

هذا هو السياق الذي تعمل فيه المؤسسات حالياً. أكثر من قبل، هناك عدد متزايد من المخاطر الناشئة التي كانت في السابق في نطاق "مستبعد الحدوث". واليوم، لا يقتصر الأمر على احتمال حدوثها فحسب، بل تحتاج المؤسسات إلى وضع خطة استباقية لمعالجة هذه المخاطر الناشئة وغيرها من المخاطر التي قد تظهر مع مرور العام.

ووفقا لتقرير المخاطر العالمية لعام 2025 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، فإن التوترات الجيوسياسية والركود الاقتصادي والاستقطاب والتكنولوجيا هي بعض المخاطر العالمية التي ستواجهها المنظمات هذا العام. في الواقع، "تزداد التوقعات العالمية انقساماً في المجالات الجيوسياسية والبيئية والمجتمعية والاقتصادية والتكنولوجية"، كما جاء في التقرير. وعلى الرغم من أن هذه المخاطر ليست جديدة، إلا أن الرهانات الآن أعلى بكثير بالنسبة للمؤسسات، حيث يواصل أصحاب المصلحة والجماهير في جميع أنحاء العالم توقع المزيد من المنظمات والمؤسسات، كما يطالبون بمستويات أعلى من الشفافية والمساءلة من أولئك الذين يديرون هذه المؤسسات.

والأهم من ذلك، يمكن أن يكون لأهم المخاطر على النحو المبين في تقرير المخاطر العالمية لعام 2025 تأثير كبير على الثقة ورخصة عمل المنظمة. فبدون الثقة، لا يمكن للمؤسسة أن تحصل على ترخيص للعمل، وبدون ترخيص للعمل، لا يمكن لأي مؤسسة أن تكون موجودة. وهذا يعني أنه من مصلحة المؤسسة ومديريها التنفيذيين إدارة هذه المخاطر بفعالية ومنع أي شيء من شأنه أن يؤثر سلباً على سمعة المؤسسة.

وهنا يأتي دور خبراء الاتصالات والعلاقات العامة. لأننا في أفضل موقع لدعم المؤسسات وتوجيهها وتقديم المشورة لها حول كيفية إدارة هذه المخاطر الناشئة وتجنب الإضرار بالسمعة، وذلك من خلال الاتصالات الاستراتيجية والإدارة المعززة للجهات صاحبة المصلحة. وهنا بعض الاستراتيجيات التي يمكننا استخدامها لمساعدة مؤسساتنا ومديرينا التنفيذيين على إدارة هذه المخاطر الناشئة:

·         نهج الجهات المعنية المتعددة

أصبح من الأهمية بمكان إشراك الجهات صاحبة المصلحة بشكل صحيح في عمليات المؤسسة. ويشمل ذلك كلاً من الجهات المعنية الداخلية والخارجية. فبدلاً من التركيز على مجموعة واحدة من الأطراف المعنية والتقليل من قوة وتأثير مجموعات الأطراف المعنية الأصغر حجماً، ينبغي على العاملين في مجال الاتصالات والعلاقات العامة اعتماد نهج قائم على تعدد الجهات المعنية يأخذ بعين الاعتبار احتياجات واهتمامات أصحاب المصلحة المتعددين ويوفر آلية سلسة لسماع مخاوفهم والاستجابة لها.

كما يلعب أخصائيو الاتصالات والعلاقات العامة دوراً رئيسياً في تدريب الرؤساء التنفيذيين والمديرين التنفيذيين على كيفية التواصل بشكل صحيح مع الجهات المعنية الرئيسية وأصحاب المصالح المتنامية في عمليات المؤسسة وإدارة توقعاتهم.

·         أصالة ومواءمة قيم العلامة التجارية

يعتبر أخصائيو الاتصالات والعلاقات العامة هم الأوصياء على الطابع المؤسسي للمؤسسة. لذلك يقع ضمن اختصاصنا التأكد من أن ما تقوله وتفعله المؤسسة يتماشى مع قيم العلامة التجارية المتوقعة. وذلك لأن أي تباين في هذا المجال سيؤثر سلباً على الثقة، وسيكون موضع انتقاد.

 في الوقت الذي تكافح فيه المؤسسات في بيئة تتسم بأزمة تظلم كما هو موضح في مقياس إيدلمان للثقة لعام 2025، فمن مصلحة المؤسسات والمديرين التنفيذيين أن يكونوا عازمين على المصداقية والالتزام بما يدعون أنهم عليه كمؤسسة.

·         وضع الرؤساء التنفيذيين والمديرين التنفيذيين كأصوات موثوق بها

ما يرتبط بالنقطة السابقة هو الحاجة إلى وضع الرؤساء التنفيذيين والمديرين التنفيذيين كأصوات موثوقة. ومن أحد الأشياء التي وجدتها مثيرة للاهتمام من مقياس إيدلمان للثقة لعام 2025 هي أنّه على الرغم من أن قطاع الأعمال لا يزال المؤسسة الأكثر ثقةً، إلا أن 67% من المشاركين في الاستطلاع قالوا إنهم يثقون بالرئيس التنفيذي أكثر من بعض القادة المؤسسيين الآخرين، بينما 53% فقط يثقون بالرؤساء التنفيذيين بشكل عام. وأعتقد أن هذا يمثل فرصة للرؤساء التنفيذيين والمديرين التنفيذيين ليكونوا أصواتاً موثوقاً بها من خلال التواصل الحقيقي والعمل الشفاف.

وهذا أمر مهم، حيث لا تزال المعلومات المضللة والخاطئة تشكل مصدر قلق للجهات صاحبة المصلحة في جميع أنحاء العالم. ومع التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي الذي يزيد من صعوبة التمييز بين ما هو مزيف وما هو حقيقي، سيؤدي ضمان كون الرؤساء التنفيذيين والمؤسسات مصادر للمعلومات الجديرة بالثقة أمراً أساسياً في الحفاظ على مستويات الثقة وتعزيزها.

ومرة أخرى، يجب على المتخصصين في مجال الاتصالات والعلاقات العامة توفير التدريب والتوجيه المناسبين لضمان ألا تكون المعلومات التي يشاركها الرؤساء التنفيذيون والمديرون التنفيذيون والمؤسسة بشكل عام مضللة أو كاذبة.

·         الالتزام بالأخلاقيات والشفافية

أخيراً، يجب أن يكون أخصائيو الاتصالات والعلاقات العامة أبطالاً للأخلاقيات والشفافية في المؤسسة. ويجب على الجميع داخل المؤسسة، من الرئيس التنفيذي إلى الموظفين الميدانيين، أن يدركوا أهمية العمل بأخلاقيات المهنة. وعندما يتعلق الأمر بالتواصل والتفاعل مع الجهات صاحبة المصلحة، يجب عدم المساس بالأخلاقيات بأي شكل من الأشكال لأن ذلك قد يؤدي إلى تفكك العلاقات مع الجهات صاحبة المصلحة.

ومع تزايد الاستقطاب في العالم، من الضروري للمؤسسات والرؤساء التنفيذيين أن يكونوا علامة مميزة للأخلاقيات والشفافية. ورغم أن المؤسسات لا تستطيع أن تمنع بمفردها حدوث أكبر المخاطر التي تم تحديدها لهذا العام، إلا أن خبراء الاتصالات والعلاقات العامة يمكنهم مساعدة مؤسساتهم في الحفاظ على علاقات موثوقة مع قاعدة المساهمين الأساسية. وهذا ما يفسح المجال لمناصرة المصالح المشتركة التي يمكن أن تساعد المؤسسات على تقديم قيمة لمجموعات متعددة من الجهات صاحبة المصلحة.

علاوة على ذلك، يمكن لخبراء الاتصالات والعلاقات العامة توجيه مؤسساتهم للعب دور مهم في تعزيز تفاؤل الأطراف المعنية في عالم أصبح فيه الكثيرون أقل تفاؤلاً بشأن مستقبلهم، كما أصبحوا أقل ثقة في قدرة المؤسسات على العمل بما يخدم مصالح الأكثرية بدلاً من الأقلية.

المؤلفة أديدوين جايسيميAdedoyin Jaiyesimi

أديدوين جايسيمي هي مستشارة اتصالات ومدربة شركات ومؤسس مشارك في The Comms Avenue. وهي خبيرة معتمدة في إدارة الاتصالات الاستراتيجية ولديها أكثر من 13 عاماً من الخبرة المهنية. وهي عضو المجلس الاستشاري لمعهد الاتصالات الداخلية في أفريقيا (IFICA)، وقد أُدرجت في قائمة الشرف في فئة التأثير المجتمعي في قائمة أقوى العلاقات العامة لعام 2022 و2023 و2024 (نيجيريا). أديدوين متحمسة لتزويد المتخصصين الأفارقة في مجال الاتصالات بالمعرفة والموارد اللازمة لتحقيق نتائج مدفوعة بالتأثير والمساهمة في التنمية الإيجابية للقارة الأفريقية.

البريد الإلكتروني للمؤلف
زيارة الموقع الإلكتروني للمؤلف

https://www.ipra.org/news/itle/itl-619-managing-emerging-global-risks-where-strategic-communications-comes-in/

ترجمة وتدقيق صَبَا إبراهيم سعيد

Follow IPRA:

اتصل بنا

Mobile1 : +961-70043459
Mobile2 : +963-116122067
Fax :+963-0116117020
Email :ingo@ipra-ar.org