راوي القصص المعتمد على البيانات: الجسر بين التحليلات والسرد
في عصرٍ تُوجِّه فيه البيانات القرارات ويُوجِّه فيه الذكاء الاصطناعي استراتيجيات الاتصال، يبقى فن سرد القصص جوهرَ العلاقات العامة الفعّالة. ومع ذلك، فقد تطوّر سرد القصص اليوم ليشمل اندماجاً بين التحليلات والسرد، مُغيراً بذلك طريقة تواصلنا مع الجماهير.
يُمثّل هذا التحوّل أكثر من مجرّد تطوّر تكنولوجي، بل هو إعادة تصوّرٍ جذرية لكيفية فهمنا للجمهور والتفاعل معه. فكيف يُمكن لخبراء الاتصال إذاً الاستفادة من الأدوات الجديدة لجعل الحملات أكثر فعالية وكفاءة دون فقدان اللمسة الإنسانية التي تُضفي على قصص العلامات التجارية طابعاً أصيلاً، بل وغير متجانس بصراحة؟
اجعل كل الأنظار متّجهةً نحو الجمهور
مع تزايد ذكاء الجماهير وتشرذم المشهد الإعلامي، يجب على متخصصي العلاقات العامة سدّ الفجوة بين التحليلات والعاطفة، باستخدام المقاييس لتوجيه الاستراتيجية مع ضمان استمرارية تأثير القصص. حيث أصبح بناء ثقة الجمهور بالعلامة التجارية أكثر صعوبةً من أيّ وقت مضى.
ما يجب أن يظل ثابتاً هو التّركيز على الجمهور. ما هي الموضوعات والمحاور التي تهمّهم؟ ما هي دوافعهم وتحدّياتهم؟ أين يقرؤون المحتوى ويشاركونه؟ وكيف يتفاعلون مع كلّ قناةٍ إعلامية؟
بناء قاعدة بيانات لأهم صناع القرار الذين ترغب في الوصول إليهم يبدأ بهذه الأسئلة، ثم بمحتوى مُصمّم خصيصاً ليجذب انتباههم. بعد ذلك، يجب على متخصّصي التواصل تتبّع سلوك الجمهور لقياس ما يلقى صدىً وما قد يحتاج إلى تعديل. وإمكانيات جمع البيانات والمراقبة المذهلة التي توفّرها التقنيات والمنصّات الحديثة يمكن أن تساعد الفرق في إنجاز ذلك في وقت قصير جداً مقارنةً بالوقت الذي يستغرقه القيام بذلك يدوياً.
بناء حملاتٍ مدعومةٍ بالبيانات
يُعدّ الجمع بين استراتيجيات العلاقات العامة التقليدية وتحليلات البيانات الحديثة أمراً حاسماً للتميّز في السوق. لقد رأينا النتائج وعائد الاستثناء (ROI) بأعيننا.
نفّذت مجموعة بليس Bliss Groupحملة توعية عامة لمجلس "CFP" لتعزيز الوعي بشهادة "المخطط المالي المعتمد CERTIFIED FINANCIAL PLANNER®" لدى جمهور الأثرياء الناشئين (MAI)، وذلك لإبراز كيف يمنحك المحترف الحاصل على شهادة "CFP®" ثقة اليوم لغدٍ أكثر أمناً.
وللحفاظ على مهمتها تجاه الجمهور وزيادة الوعي بالشهادة، استفادت شركة Blissومجلس CFPمن الأبحاث الأولية لاكتشاف رؤى استراتيجية لتوجيه الحملة، والتي تضمنت:
• تحديد فجوة الوعي: قياس الوعي التلقائي (غير المساعد) والوعي الشامل لشهادة CFP®.
• فهم الجمهور المستهدف: تم إجراء بحث على الأسر ذات الدخل المتوسط- المرتفع لتحديد شخصيات "المبادر" أو الشخص المسؤول بشكل أساسي عن اتخاذ القرارات المالية للأسرة، والذي يتوافق مع ملف نفسي-ديموغرافي خاص يشير إلى استعداده للتعامل مع مستشار مالي.
• إجراء اختبارات مكثفة مع الجمهور المستهدف عبر مجموعات مركّزة: سافر العميل إلى أربع مدن في أنحاء البلاد لإجراء 12 مجموعة مركزة لاختبار المفاهيم الإبداعية للحملة الإعلانية.
بفضل البيانات والرؤى المُستمدة من هذا البحث، استفادت حملة التوعية العامة من الإعلانات، والقيادة الفكرية، وصحافة العلامات التجارية، والعلاقات العامة، والترويج عبر وسائل التواصل الاجتماعي للوصول بفعالية إلى جمهور MAIوزيادة الوعي بشهادة CFP®. في الواقع،حققت الحملة نسبة 91% من الوعي الكامل بشهادة CFP® بين الجمهور المستهدف MAI، و89% تفضيلاً لشهادة CFP® بين نفس الجمهور، بينما بلغت نية استخدام محترف معتمد من CFP® 90%، بزيادة +7 عن عام 2023 (83%).
دمج القديم والجديد
إنّ القدرات الجديدة التي يوفّرها الذكاء الاصطناعي والأتمتة لا تعني زوال أساليب التواصل التقليدية. فمن خلال دمجهما، يمكن لمحترفي التواصل ابتكار نهجٍ أكثر حيوية وتأثيراً في سرد القصص. ومن الأمثلة على ذلك:
مقاييس العلاقات العامة التقليدية:
الانطباعات الإعلامية +
حجم التغطية +
الحصة الصوتية +
الرؤى الحديثة القائمة على البيانات:
التحليلات السلوكية =
تحليل المشاعر =
النمذجة التنبؤية =
التأثير على سرد القصص:
مسارات السرد الشخصية
رسم خرائط الاستجابة العاطفية
تطوير القصص الاستباقي
لقد تجلّى هذا بوضوحٍ تام مع برنامج التسويق الخاص بمجموعة بليس. حيث تتيح منصة الذكاء الاصطناعي المُخصصة لدينا العمل بذكاءٍ أكبر من خلال توليد شخصيات مشترين مُفصّلة، وإجراء أبحاث مُعمّقة عن السوق والمنافسين، وتطوير مُخطّطات مُحكمة للمحتوى بكفاءة عالية.
ومع ذلك، تُعدّ التكنولوجيا جزءاً لا يتجزأ من المعادلة. فكلّ رؤيةٍ مُولّدة من الذكاء الاصطناعي تخضع لمراجعةٍ دقيقة من قِبَل مُختصّينا الذين يُطبّقون خبراتهم وحكمتهم لضمان توافق النتائج مع المعرفة الواقعية والأهداف الاستراتيجية. ومن هذه النقطة، يُترجم فريق التسويق في بليس هذه الرؤى لإنشاء استراتيجيات محتوى وإعلام، ومدونات، ومقالات رأي، تلقى صدىً لدى جمهورنا المُستهدف وتُبقينا مُتقدّمين بخطوة على مُنافسينا.
كما نستخدم منصة استخبارات جمهور خاصة بنا تُتيح لنا اكتساب معلوماتٍ عن المُشترين، وقياس مدى وضوح رؤية المديرين التنفيذيين، وإجراء تحليلاتٍ تنافسية في وقتٍ قصيرٍ جداً من الوقت الذي يستغرقه جمع تلك البيانات يدوياً. تُستخدم هذه النتائج لإثراء منصتي التنفيذية الخاصة، وتضمن أن يكون أسلوبنا مُلائماً لما يهمّ جمهورنا.
إلى جانب أدواتنا الحصرية، نستخدم أيضاً منصاتٍ متعددة تستفيد من حلول الذكاء الاصطناعي للوصول إلى مجموعات بيانات ضخمة تُثري استراتيجيات التسويق الرقمي لشركة Blissوالعلامات التجارية التي ندعمها.
ومع أن هذه الأدوات مفيدة للغاية وتوفر الوقت، إلا أن استخدامها يتطلب مساهمةً بشرية. فكل محتوى طويل ننتجه يُكتب ويُحسّن بالكامل من قِبل فريقنا. هذه المساهمة البشرية هي ما يُحوّل البيانات الخام إلى قصصٍ آسرة، وروابط هادفة، وتأثيرٍ قابل للقياس.
لقد فتح دمج الذكاء الاصطناعي في العلاقات العامة آفاقاً جديدة، وأثار تساؤلات مهمة حول الأصالة والتواصل. يتمحور هذا التحول حول تحديد وتبنّي أدواتٍ جديدة تُعزز قدرتنا على التواصل والتفاعل والإلهام. تزدهر العلاقات العامة عند تقاطع الرؤى القائمة على البيانات ورواية القصص الأصيلة، ونحن في مجموعة Blissملتزمون بقيادة هذا التطور، ومساعدة المؤسسات على اجتياز المشهد المعقد للاتصالات الحديثة مع الحفاظ على العنصر البشري الذي يجعل القصص تلقى صدى حقيقياً.
المؤلّفة كورتني ستابلتون
كورتني ستابلتون هي الرئيس التنفيذي والشريك المالك لشركة "ذا بليس جروب" The Bliss Group، وهي شركة متوسطة الحجم متخصصة في اتصالات التسويق . تعمل مع شركات في مجالات التكنولوجيا، والرعاية الصحية، والخدمات المالية والمهنية ، حيث تستخدم البيانات والتحليلات لفهم العوامل التي تحفز عملاءها المحتملين على اتخاذ الإجراء المطلوب.
زيارة الموقع الإلكتروني للمؤلف
https://www.ipra.org/news/itle/itl-636-the-data-driven-storyteller-bridging-analytics-and-narrative/
ترجمة وتدقيق صَبَا إبراهيم سعيد
تحذير واجب.
يرجى التواصل لطلب إذن الاستخدام:
info@ipra-ar.org
اخر المقالات
اخر الاخبار