التواصل المتقدّم: التكيّف لتحقيق النجاح في عصر التخصيص الإخباري
أدّى انتشار الصحفيين المستقلين والاستقطاب السياسي وأدنى مستوى ثقة في وسائل الإعلام الإخبارية منذ خمسة عقود إلى قيام الجمهور بتخصيص محتوى أخبارهم بأنفسهم. وتكشف نتائج جديدة من مركز بيو للأبحاث أنّ تعريف الأخبار أصبح تجربةً شخصيةً ومخصّصة. حيث يحدّد المستهلكون ما تعنيه الأخبار بالنسبة لهم والمصادر التي يلجؤون إليها بناءً على مجموعةٍ من العوامل، بما في ذلك هوياتهم واهتماماتهم.
هذه الخيارات تنشئ نظاماً إخبارياً واسعاً ومخصّصاً وفقاً لتفضيلات الأفراد.
فالخوارزميات تكيّف المحتوى الإخباري بناءً على تفضيلات المستخدمين وسلوكياتهم. وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع تجميع الأخبار مصادر إخبارية رئيسية. حيث يحصل واحدٌ من كل خمسة أمريكيين الآن على الأخبار بانتظام من المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي، الذين يكون معظمهم في الغالب من الذكور ويميلون إلى التيار المحافظ.
كما يتمّ استخدام الذكاء الاصطناعي في إنشاء المحتوى الإخباريّ وتنظيمه. ومع اعتماد الذكاء الاصطناعي على مصادر المنشئين المتحيّزين والصحفيين المستقلين، ستؤثر تلك الآراء بشكلٍ خفيٍّ على طريقة عرض الأخبار وتلخيصها.
وقد استثمر المتخصّصون في الاتصال استثماراتٍ كبيرة للتكيف مع رقمنة الأخبار. ويجب أن يكون تطوير الممارسات اللازمة للازدهار في عصر الأخبار المخصصة أولوية، إلى جانب التزامنا بالتواصل مع وسائل الإعلام والمحتوى المحافظين، الذي تجنبه الكثيرون في هذه المهنة.
إعادة هيكلة ممارساتنا في العلاقات الإعلامية
في مجموعة "أسينت استراتيجي" Ascent Strategy Group، انغمسنا لأكثر من عام في دراسة الأخبار المخصّصة والتفاعل الفعّال مع وسائل الإعلام البديلة ، بما في ذلك الصيف الماضي عندما تواصل فريقنا مع وسائل الإعلام في موقع المؤتمرين الوطنيين للحزبين الجمهوري والديمقراطي.
لقد طوّرنا منهجيةً متقدمة لتوجيه علاقاتنا الإعلامية: تعتمد "منهجية التوازن" Equipoise Methodوهي مدعومةٌ بالبيانات، ومصممةٌ لتحسين جهودنا التوعوية والرسائل والمقاييس لتحقيق النجاح. تشكّل هذه الطريقة عنصراً أساسياً في عملنا لمساعدة العملاء على سدّ فجوات الثقة، وقد ساعدتنا في الحصول على ترشيحٍ لجائزة أفضل إنجاز في هذا المجال في إدارة السمعة.
نشارك معكم بعض الرؤى المستخلصة من إطار منهجيتنا وما تعلّمناه منها حتى الآن.
1. البيانات هي المحرّك الرئيسي
إنّ تطوير استراتيجيات وقوائم وخطط إعلامية بناءً على البيانات الديموغرافية المستهدفة يمكن أن يُركز جهود التواصل ويعزّز تأثيرها. حيث يوفّر النهج القائم على البيانات مساراً واضحاً للوصول إلى الجماهير الأساسية أينما كانوا. كما يمكن للبيانات التغلّب على تحيّز وسائل الإعلام السياسية وتردّدها في التعامل مع منافذ إعلامية معينة.
تقدم شركتا نيلسن ويوجوف Nielsen and YouGovتقسيماً مُخصصاً للجمهور وتفضيلات الوسائط. وتتمتع شركة إم آر آي سيمونز MRI-Simmons بفهمٍ أعمق للخصائص النفسية، بدءاً من العمر والجنس والعرق، وصولاً إلى الدخل وعادات استهلاك الوسائط. وتُعدّ هذه الخصائص النفسية عاملاً مهماً في عصر الأخبار المخصّصة، حيث تُظهر الدراسات الحديثة أنّ السمات الشخصية تؤثر في اختيارات الأفراد للأخبار.
ساعد هذا النهج القائم على البيانات فريقنا في رصد نزوح جمهورنا المستهدف (الفئة العمرية 45-64) إلى قناة نيوزماكس، والتي شهدت ارتفاعاً حاداً بأكثر من 60% منذ العام الماضي، لتحلّ في المركز الخامس بين أكثر القنوات المشفرة مشاهدةً على الإطلاق.
2. استمع باحترام
معرفة مصادر الأخبار المفضلة للجماهير المستهدفة تجعل الخوض بعمق مجدياً لفهم المواقف التحريرية للوسائل الإعلامية وتغطيتها لشركة أو علامة تجارية أو فئة معينة. وينبغي أن تشمل العناية الواجبة قراءة ورصد وجهات نظر البرامج والمقدمين والمراسلين المحددين. كما تُعدّ وسائل التواصل الاجتماعي مكاناً قيماً للاستماع والتعلم.
من الفلسفات الأساسية لهذه المرحلة: تقبُّل النقد القاسي والملاحظات الصعبة قد يكون مصدراً قيّماً للتطوير.
يستخدم فريقنا أدوات الذكاء الاصطناعي الخاصة بنا في هذه العملية لتحليل مجموعةٍ من مدخلات البيانات وتقديم الدّعم في تحليل المخاطر التنبئية. إنّ بذل الجهد لفهم سبب استمرار تصور أو تصور خاطئ يمكن أن يكشف عن فرصٍ للتواصل وإعادة صياغة الحوار.
· كشفت دراستنا لحركة "MAHA" (جعل أمريكا صحية من جديد) أن أمهات الحركة ليسن كتلة واحدة. فالأمهات المنتميات لتيار الأغذية الطبيعية ذي الميول اليسارية، وأمهات الأطفال ذوي الأمراض المزمنة، والناشطات اليمينيات المدافعات عن الحرية الطبية - الذين يشكلون معاً أمهات الحركة - لا يتّفقن سياسياً بقدر ما يتشاركن في إيمانٍ راسخ بأن أنظمة الرعاية الصحية والغذاء لدينا بحاجةٍ إلى إصلاح.
إنّ الإنصات باحترام يكشف عن معتقداتٍ وقيم مشتركة. وهذا يُمثّل نقطة انطلاقٍ قوية لبدء حوارٍ جديد.
3. صمّم نهجك
يتطلب تصميم رسالةٍ إخبارية موجهةٍ لجمهورٍ إخباريٍ متشكك دقةً وسلاسةً ثقافية وفهماً لآرائهم وتصوراتهم. فالاحترام والتعاطف شرطان أساسيان.
اعتمد فريقنا على البحث والبيانات لتطوير سلسلةٍ من البروتوكولات، التي نواصل اختبارها وتحسينها، لإشراك مختلف قطاعات منظومة الأخبار بفعالية.
إليكم جزءاً من البروتوكول الذي طورناه للتواصل مع وسائل الإعلام والمحتوى المحافظ.
• تحديد أرضيةٍ مشتركة، مثل قيمةٍ مشتركة لبدء الحوار أو إعادة إطلاقه.
• إذا كانت الوسيلة الإعلامية تبثّ خطاباً شعبوياً، فكّروا في إعادة صياغة الرسالة. فقد تكون الفوائد الملموسة لعموم الأمريكيين أكثر أهميةً من فوائد المساهمين.
• الاعتراف بمخاوف الجمهور وأسباب التصورات السلبية. إنّ فهم أسباب استمرار آراء الجمهور والتصورات الخاطئة أمرٌ بالغ الأهمية لمعالجتها بفعالية.
• الاستناد إلى أدلةٍ ملموسة.يمكن للتحقق من صحة المعلومات من جهاتٍ خارجية، مثل شهادات العملاء، ومقاييس مثل نمو الوظائف وأجور العمال، أن يدعم صحة الطرح الشعبوي للقصة.
• اختيار المُراسل المناسب. إذا بدأت بشهادات العملاء، فقد يكون العميل أو المريض أكثر فعاليةً في هذا السياق من المدير التنفيذي.
وبصفتنا متخصّصين في الاتصال، نتحمّل بعض المسؤولية عن سوء فهم الجمهور إذا لم نبذل الجهد الكافي للتحدث إليهم عبر قنواتهم الإخبارية المُفضلة.
4. بناء الحوار
الالتزام بالاستماع وقياس استجابة الجمهور لنهجٍ قائمٍ على البروتوكول يوفّر رؤىً ثاقبة لتحسين الرسالة وتعزيز مشاركةٍ أكثر فعالية.
يُعدُّ التصدي الفعّال للمعلومات الخاطئة والمضلّلة أولوية، لكنّنا تعلّمنا من خلال جهودنا التوعوية أن التسرُّع في تصنيفها قد يجعلنا نبدو غيرَ مبالين، مما يفوّت علينا فرصةً ثمينةً للمشاركة الفاعلة والتعلّم والتثقيف. من الضروري فهم سبب استمرار تصوّرٍ معين، والاعتراف به، وتقديم وجهات نظر مضادة بأدلةٍ دامغة.
طوّر الحوار، ستعرض البيانات قنواتٍ إخبارية أخرى للتواصل مع جمهورك المستهدف. كما توفّر أدوات مثل Cisionملفات تعريف إعلامية ومراقبة إعلامية متعددة القنوات بما يقرب من 70 لغة. يمكن للتوجّه المحلّي أن يكون ركيزةً أساسيةً موثوقة في بيئةٍ إخباريةٍ مخصّصة.
وتُعدّ إذاعة AMقناةً أخرى مُهمَلة في الحملات الاتصالية. حيث يستمع 82 مليون أمريكي إلى راديو AMشهرياً. وفي المناطق الريفية، يضبط الناس أجهزتهم على إذاعة AMلسماع الإعلانات المهمّة، مما يجعلها حجر الزاوية في الحياة اليومية. لذلكينبغي لمديري الأخبار في إذاعة AMأن يسمعوا أكثر من المتخصصين في الاتصالات.
الأسلوب الأكثر تنظيماً يُنتج نتائج أكثر قابليةً للقياس.
لقد استفدنا من أسلوبنا المعروف بـ "طريقة التوازن" لتحقيق عائد استثمار قابلٍ للقياس لعملائنا، بما في ذلك تحقيق مكاسب مضاعفة في سدّ فجوات الثقة. ويُعدّ عائد الاستثمار مطلباً عاجلاً لمحترفي التواصل، حيث يُدير نصف قادة التسويق الذين شملهم استطلاع جارتنر هذا العام تخفيضات الميزانية وتوقعات النمو في ظل ظروفٍ اقتصادية غير مستقرة.
سيُثبت محترفو التواصل الذين يُظهرون مهارةً في التعامل مع بيئة الأخبار المُخصصة ويشاركون بفعّالية في قطاع الإعلام البديل الصاعد أنهم جديرون بالاستثمار.
المؤلّف جون ديغلز
جون ديغلز هو المؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة أسنت ستراتيجي، أول وكالة علاقات عامة أُنشئت لدعم التحول الرقمي في قطاع الرعاية الصحية. وهو خبير اتصالات حائز على جوائز، ومدير تسويق رئيسي، ومبتكر في إدارة السمعة، يقدم الاستشارات للعلامات التجارية العالمية وقادة الأعمال والهيئات الدينية والحكومات.
زيارة الموقع الإلكتروني للمؤلف
ترجمة وتدقيق صَبَا إبراهيم سعيد
تحذير واجب.
يرجى التواصل لطلب إذن الاستخدام:
info@ipra-ar.org
Follow IPRA:
اخر المقالات
اخر الاخبار
