إعادة كتابة قواعد العلاقات العامة في وسط أفريقيا: الصحوة التدريجية لجيل Z المتنوع

هذا النص هو رد على مقالة سامانثا شتراوس Samantha Straussالفكرية الصادرة عن الجمعية الدولية للعلاقات العامة (IPRA) تحت عنوان "إعادة كتابة دليل العلاقات العامة لجيل زدZ". كان من دواعي سروري قراءة عملها.

يحملتحليل شتراوس قيمةً إرشاديةً عالية – إذ يمكن أن يكون بمثابة دليل، بل بوصلة، لأيّ محترفٍ يسعى لتعزيز أسسه التواصلية أو الإدارية. رؤية ستراوش الثاقبة حول جيل زد Zفي آسيا تسلّط الضوء على واقعٍ عالمي: شبابٌ يبحث عن المعنى والحقيقة والمشاركة الأصيلة.

ما تصفه شتراوس يتوافق بشدةٍ مع شباب الكاميرون، وبشكلٍ أوسع، مع شباب وسط أفريقيا. ومع ذلك، فإنّ السياق المحلي - المشكّل بتحدياتٍ اجتماعية اقتصادية فريدة، وهياكلٍ هرمية راسخة، وفجواتٍ رقمية مستمرة- يتطلّب قراءةً أكثر دقة ومراعاةً للسياق لهذه التحولات الجارية.

1.      جيلٌ متصل... لكنه غير متكافئٍ في الإمكانيات

كما هو الحال في آسيا، وُلد جيل زد "Z" في وسط أفريقيا في العصر الرقمي. ينشط أفراده على وسائل التواصل الاجتماعي، فهم مبدعون، واعون، وأحياناًذوو عقليةٍ ناشطة. إلّا أنّ هذه الإمكانية على الاتصال تُقوَّض بسبب فجواتٍ عميقة في الوصول إلى البنية التحتية الرقمية والكهرباء والإنترنت الموثوق. هذه الفجوات تحدّ من الاعتماد الواسع لنماذج "التقييم الفوري" أو التعبير الذاتي المفتوح في البيئات المهنية.

ففي الكاميرون ووسط أفريقيا، لا يزال استخدام منصات مثل لينكدإن أو تويتر للتفاعل مع العلامات التجارية أو مشاركة تجارب الموظفين هامشياً، مقارنةً بما نراه في آسيا. ومع ذلك، فإنّ الوعي بين الأجيال آخذٌ في الظهور بوضوح - وإن كان غالباً ما يتجلّى عبر منصاتٍ أقلَّ مؤسسية وأكثرَ شعبية مثل فيسبوك وتيك توك.

2.      الرغبة في التعبير عن الرأي في ظل ثقافة التسلسل الهرمي والاحترام

يُسلّط مقال شتراوس الضوء، بحق، على تساؤلات الجيل Zحول التسلسلات الهرمية التقليدية في آسيا. أمّا في وسط أفريقيا، فتتّسم هذه التساؤلات بحذرٍ أكبر، بل - غالباً ما تظل كامنةً في داخلهم دون إفصاح. فالمهنيون الشباب يريدوا لصوتهم أن يُسمع، لكنهم لا زالوا يعملون في أنظمةٍ هرميةٍ للغاية، غالباً ما يخصص فيها الكلام لكبار السن، ويُقدّم الاحترام والولاء على الشفافية.

هذا لا يعني عدم وجود توقعاتٍ تجاه أصحاب العمل. إذ يسعى الشباب إلى إدارةٍ أكثر تشاركية، والاعتراف بأفكارهم، ومكان عمل يعزّز النمو الشخصي. لكن هذه الطموحات غالباً ما تصطدم بمقاومةٍتنظيميةٍوثقافيةٍ راسخة.

3.      التواصل الداخلي: من نقل المعلومات إلى الحوار،مسيرةٌ قيد التطوّر

تكتسب فكرة تحوّل التواصل الداخلي من قناةٍ لنقل المعلومات إلى فضاءٍ للحوار زخماًمتزايداً في الشركات الإفريقية الكبرى، خاصةً تلك المعرّضة للمنافسة الدولية أو الخاضعة لمعايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية (ESG). بيد أن الوضع يختلف في معظم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أو المنظمات غير الحكومية أو الهيئات العامة بمنطقة وسط إفريقيا، حيث لا يزال التواصل الداخلي يأخذ شكلاً هرمياً تنازلياً، يفتقر إلى التفاعلية، ونادراً ما يُنظر إليه كأداةٍ استراتيجية لإدارة المواهب أو بناء السمعة - على الرّغم من أنّ بعض المؤسسات بدأت تستشرف هذا التحوّل.

ولا تزال فكرة "سفراء العلامة التجارية الداخليين" - كما أشارت إليها شتراوس - غير مطوّرة بالقدر الكافي. مع أنها يمكن أن تمثّل رافعةً قويةً للاندماج والتحوّل المؤسسي، خاصةً في منطقةٍ يشكّل الشباب فيها أكثر من 60% من القوى العاملة.

4.      من سرد القصص إلى السرديات الأفريقية التنظيمية

يكمن أحد أهمِّ مجالات الابتكار لدى المتخصصين في التواصل في وسط أفريقيا في صياغة سردٍ قصصيٍ متجذرٍ في الواقع الأفريقي: قصصٍ ذات تأثيرٍ محلي، وشهاداتٍ على الصمود، ومبادراتٍ مجتمعية يقودها موظفون. بمعنى آخر، لا يقتصر الهدف على تبنّي سردياتٍ مُعدّة مسبقاً من الشمال أو الشرق العالمي، بل يشمل أيضاً المشاركة في خلق سردياتٍ أفريقية تنظيمية أصيلة تُوحّد الشباب حول قيمٍ مشتركة وشعورٍ بالانتماء.

إنّ مطلب الأصالة، وهو أمرٌ جوهريٌّ لدى جيل Zالآسيوي، لا يقلّ أهميةً هنا. ولكن في سياقنا، يعني هذا أيضاً الاعتراف بالهويات الثقافية المتنوعة، واللغات المحلية، والإرث التاريخي. حيث يتطلّب التواصل مع جيل Zفي الكاميرون القدرة على التنقّل بين الرموز الحضرية الرقمية والمراجع المجتمعية العميقة.

5.      نحو تواصلٍ مسؤول ومراعٍ للسياق

وأخيراً، إنّ دعوة شتراوس إلى تبني تواصلٍ أكثر جرأة وشجاعة لا تقلّ أهميةً في وسط أفريقيا، حيث يجب معالجة قضايا مثل التنمية المستدامة والحوكمة والتماسك الاجتماعي والتنوّع بانفتاح. ومع ذلك، يجب أن تُعبّر هذه الجرأة عن نفسها من خلال لغةٍ متكيفة تعكس الواقع المحلي والسياسي والاقتصادي والثقافي.

ورغم القيود، يتوق جيل زد Z في الكاميرون إلى المساهمة في التغيير. فهم مستعدون للمشاركة والابتكار المشترك - شريطة أن تُتاح لهم الأدوات والمساحة للتعبير عن آرائهم، وأن يكون لهم دوراً حقيقياً في إعادة صياغة استراتيجيات التواصل التي لا تنبثق من نماذج مستوردة بل من السياقات المحلية.

نحو نموذجٍ أفريقيٍّ للتواصل بين الأجيال

إنّ الحقائق التي سلّطت سامانثا شتراوس الضوء عليها تبعث على الإلهام وتزخر بالبصيرة. إنها تذكّرنا بأهمية الإصغاء إلى شبابنا، والثقة بهم، وإشراكهم في تحويل مؤسساتنا. لكن في وسط أفريقيا، لا يمكن إعادة كتابة قواعد العلاقات العامة دون اعترافٍ صادقٍ بواقع وطبيعة مجتمعاتنا المحلية.

يجب علينا أن نبتكر قواعدنا الخاصة - مبنيةً على سياقنا ونقاط قوتنا وتطلعاتنا. هذا هو التحدّي الذي يواجه أعضاء الجمعية الدولية للعلاقات العامة في أفريقيا اليوم: جعل المعايير العالمية تتحاور مع الأصوات المحلية، وبناء ممارسات اتصالية أكثر مسؤولية، وأكثر شمولاً، وتفخر بانتمائها الأفريقي.

المؤلّف بيناجا نكيمزيكان

بيناجا نكيمزيكان، مؤسس ورئيس جمعية خبراء العلاقات العامة في الكاميرون (ACOMA)، وهي شبكة من خبراء الاتصالات في الكاميرون ووسط أفريقيا. وقّعت IPRAوACOMAاتفاقية شراكة، بموجبها، من بين جملة أمور، تتبادل المنظمتان المعلومات والمنشورات، وتساهمان في تعزيز التطور الأخلاقي لمهنة العلاقات العامة من خلال مدوناتنا وإرشاداتنا.

البريد الإلكتروني للمؤلف
زيارة الموقع الإلكتروني للمؤلف

https://www.ipra.org/news/itle/itl-638-rewriting-the-rules-of-public-relations-in-central-africa-the-gradual-awakening-of-a-diverse-generation-z/

ترجمة وتدقيق صَبَا إبراهيم سعيد

تحذير واجب.

لا يحق نشر أي جزء من منشورات ميديا & PR، أو اختزان مادته بطريقة الاسترجاع، أو نقله على أي نحو، سواء إلكترونياً أو ميكانيكياً أو خلاف ذلك دون الاشارة الى المصدر، تحت طائلة المساءلة القانونية

يرجى التواصل لطلب إذن الاستخدام:

info@ipra-ar.org

Follow IPRA:

اتصل بنا

Mobile1 : +961-70043459
Mobile2 : +963-116122067
Fax :+963-0116117020
Email :ingo@ipra-ar.org