عندما يطرق القراصنة الأبواب: لماذا أصبح التواصل في الأزمات الإلكترونية ضرورةً حتمية في عالم الأعمال

هذه هي الحقيقة الجديدة التي تواجهها الشركات اليوم.

لم يعد السؤال إذا ماكانت الأزمة الإلكترونية ستحدث، بل متى ستحدث.

يبدأ الأمر عادةً بإشعارٍ مقلق– رسالةُ ذعر من قسم تكنولوجيا المعلومات، أو تنبيهٌ غامض من نظام الأمان، أو الأسوأ من ذلك، رسالة من صحفي يعرف عن اختراق البيانات في شركتك أكثر مما تعرفه أنت. هنا تُختبر حقيقة استعداد المؤسسة.

تكلفة التهاون: أرقامٌ صادمة وتهديدٌ وجودي

الأرقام وحدها كفيلةٌ بإثبات الخطورة، في ألمانيا وحدها، تتسبب الجرائم الإلكترونية في أضرار تُقدّر بنحو 267 مليار يورو سنوياً. أما على الصعيد العالمي، فقد بلغ متوسط تكلفة خرق البيانات 4.9 مليون دولار في 2024. هذه ليست مخاطر نظرية؛ بل هي تهديداتٌ وجودية قادرة على شلّ العمليات، وهدم الثقة، وإحداث انهيارٍ حادٍ في قيمة الأسهم.

خذ على سبيل المثال مورّد سياراتٍ عالمي، استغرق أكثر من ثلاثة أشهر للتعليق على خرق بياناتٍ كبير. أدى هذا التأخير إلى ترك العملاء والشركاء والجهات التنظيمية في فراغٍ كبير – بينما عُلّقت سمعة الشركة في مهبّ الريح.

وفي حالةٍ أخرى لشركة خدماتٍ قانونية متعددة الجنسيات كما تذكر شركة Kekst CNC: " تمّ تسريب مفاوضات الفدية علناً على الإنترنت." عند هذه النقطة، لم تعد الأزمة مجرد اختراقٍ للبيانات – بل تحوّلت إلى معركةٍ تتعلق بالسيطرة على السردية، وإظهار الكفاءة تحت وطأة الضغط.

لماذا يختلف التواصل في الأزمات الإلكترونية؟

خطط إدارة الأزمات التقليدية تصبح عديمة الجدوى عندما يكون الخصم مجهولاً، والحقائق ناقصة، والتهديد يتطور لحظةً بلحظة.

تتميز الحوادث السيبرانية بتغيراتها الفريدة. فالجهات الفاعلة في التهديد لا يمكن التنبؤ بها وبتصرفاتها، والضغط الداخلي والخارجي للاستجابة غالباً ما يأتي قبل أن تستوعب القيادة بشكلٍ كامل ما حدث.

ليست الأزمة الإلكترونية كسحب منتحٍ معيب أو مواجهة كارثةٍ طبيعية، فهي عادةً ماتكون محاطةً بهالةٍ من الغموض. قد يكون المتسللون لا يزالون متواجدين داخل الأنظمة. في هذه الأثناء، تتدافع الجهات التنظيمية، ووسائل الإعلام، والمتأثرين مطالبين بإجاباتٍ فورية في مناخٍ يفتقر إلى التعاطف. لم يعد يُنظَر إلى الشركات كضحيةٍ بريئة. بل يتوقعون منها الشفافية، والسرعة في التحقيق، والمساءلة.

أي تأخير أو محاولة للتعتيم قد يوسّع فجوة الثقة إلى هوّةٍ لايمكن ردمها.

تشريح الاستجابة الناجحة: عمل جماعي منظّم

التواصل الفعّال أثناء الأزمات الإلكترونية ليس عملاً فردياً– بل هو جهدٌ جماعيٌّ منسَّق.

يجب أن يضمّ فريق إدارة الأزمة متعدد التخصصات القيادة العليا، وخبراء الأمن السيبراني، والمستشارين القانونيين، وشركات التأمين، وبالطبع، محترفي الاتصالات الاستراتيجية.

يجب أن يكون هذا الفريق مستعداً لـ:

غرس ثقافة الجاهزية: الإعداد المسبق هو الذي يمكّن من استجابةٍ سريعةٍ ومنسّقة. لسوء الحظ، غالباً ما يتمّ إهمال هذه الخطوة تحت ذريعة تكاليف الاستعداد، غير أنّ تكلفة التراخي والتهاون أعلى بكثير.

تحديد وفهم جميع أصحاب المصلحة: التواصل المباشر والمخصّص مع كل فئة – وليس فقط وسائل الإعلام – هو شريان الحياة خلال الأزمة.

التحصين ضد انهيار السردية: في خضم الفوضى والضغط، يجب إدارة السردية العامة والاتصالات الداخلية ببراعة لمنع التكهنات واحتواء الضرر.

· إكمال الحلقة عبر التعلم: بعد انحسار الأزمة، يجب على الشركات صياغة سرديةٍ جديدة لاستعادة الثقة. التقييم المتعمق لما حدث يحدد الدروس المستفادة ويقلل من المخاطر المستقبلية. ومع ذلك، تتجاهل العديد من المؤسسات هذه الخطوة، مطمئنةً أنّ الهجوم قد انتهى – ممّا يهيئ الأرضية للاختراق التالي.

في إحدى الحوادث، تعلمت إحدى الشركات العالمية درساً قاسياً: "لقد عاد المتسلل ليعبث بأنظمتنا مرةً أخرى – وهذه المرة، اختفت البيانات إلى الأبد." إنّ التحدث مبكراً جداً، أو بشكلٍ غامضٍ جداً، يمكن أن يأتي بنتائج عكسية. فالوضوح ضروري، والدقة حتمية، والتوقيت هو كل شيء.

العامل البشري والويب المظلم وجهان خفيّان للأزمة

لا تقتصر تبعات الأزمة على الخارج، فالمحيط الداخلي للمؤسسة هو خط الدفاع الأول والأكثر تأثراً. تظهر تجربة "كيكست سي إن سي" Kekst CNCأنّ تمكين الموظفين وإطلاعهم أمرٌ بالغ الأهمية. فتركهم في الظلام قد يدفعهم – دون قصد – لتسريب المعلومات عبر قنواتهم الخاصة، أو فقدان الثقة في قيادتهم.

بالتوازي، لا تتكشّف الأزمة فقط في غرف العمليات ووسائل الإعلام التقليدية، بل تمتد إلى زوايا الإنترنت المظلمة، حيث تتفاوض عصابات القرصنة وتسرّب البيانات علناً. لذلك، أصبحت مراقبة هذه المنصات والويب المظلم متطلباً أساسياً، وليست رفاهية.

الاستعداد: الحلقة المفقودة في كثيرٍ من المؤسسات

على الرغم من كل هذه المخاطر، تشير الإحصاءات إلى أنّ 49% فقط من الشركات لديها خطة رسمية للاتصالات خلال الأزمات. أمّا بالنسبة للقطاعات شديدة التنظيم، مثل الخدمات المالية في ظل تشريعات مثل DORAأو NIS-2في الاتحاد الأوروبي، لم تعد هذه الخطط اختيارية، بل أصبحت إلزامية.

لذا، نوصي في "كيكست سي إن سي" Kekst CNCكل مرسسة، بغض النظر عن حجمها، باتخاذ الخطوات العملية التالية:

تشكيل فريق متكامل لإدارة الأزمة: مع تحديد الأدوار وطرق التواصل الطارئة.

وضع بروتوكولات واضحة: توثيق مسارات التصعيد والمسؤوليات.

إعداد قنوات اتصال بديلة ومؤمّنة: للتعامل مع سيناريوهات تعطّل البريد الإلكتروني وأنظمة المراسلة التقليدية.

رسم خريطة اتصال شاملة لأصحاب المصلحة: لتحديد من يجب إعلامه، وماذا يجب أن يعرف، ومن سيتولى المهمة.

إجراء تدريبات واقعية قائمة على السيناريوهات: لاختبار وتحسين المواد النموذجية، مثل البيانات الأولية وردود الإعلام، تحت ضغط محاكاةٍ شديد.

دروس مستفادة من الميدان

الحوادث الواقعية لا تتبع نصوصاً مكتوبةً مسبقاً.

لقد دعمت Kekst CNCعملاء يتعاملون مع كل شيء بدءاً من رسائل البريد الإلكتروني للمفاوضات المسرّبة إلى عصابات برامج الفدية التي تتصل بالهواتف الشخصية للموظفين بالتهديدات.

وقد أدركت إحدى شركات البنية التحتية أنّ دفع الفدية ليس حلاًسريعاً. حيث كان رد الفعل السلبي على السمعة مدمراً مثل الاختراق التقني. بينما اكتشفت إحدى شركات التعبئة والتغليف والخدمات اللوجستية أن فريق الاستجابة المجزأ والمعزول أعاق جهودها للاستجابة بفعالية. كما أدركت علامة فندقية دولية قوة التواصل المخصص – فاللغة التي تلقى صدى لدى الجهات التنظيمية قد لا تُطمئن الضيوف أو المستثمرين.

جدول أعمالٍ جديد في قاعة الاجتماعات التنفيذية

لم يعد الخطر الإلكتروني مجرد مشكلةٍ تقنية في أقسام تكنولوجيا المعلومات. بل تحوّل إلى قضيةٍ استراتيجية تمس السمعة والمال. فقد تؤثر الطريقة التي تدير بها الشركة أسوأ أيامها على مستقبلها أكثر من الحدث الإلكتروني نفسه.

وفي عالمٍ يتمّ فيه اكتشاف 309,000 نوع جديد من البرامج الضارة يومياً، يكون الثابت الوحيد هو الشك. الفائزون في هذا المشهد لن يكونوا بالضرورة أصحاب أفضل المنتجات أو أكبر الميزانيات، بل أولئك المستعدين حقاً: الذين يتدربون بجد، ويتحركون بسرعة، ويتواصلون بدرجةٍ عالية من القيادة والمرونة والتعاطف.

فعندما يطرق المتسللون الأبواب، لن تكون أنظمتك التقنية وحدها على المحك. بل سمعتك ومستقبلك أيضاً معرضان للخطر. السؤال هو: هل أنت مستعدٌ للرد؟

المؤلّف ألكسندر فينك

ألكسندر فينك شريك في شركة الاتصالات العالمية "كيكست سي إن سي". ومتخصص في إدارة الأزمات والاتصالات السيبرانية، بالإضافة إلى التحول الرقمي للشركات. ألكسندر هو المؤلف المشارك لكتاب "الاتصالات الإحترافية" (سبرينغر/جابلر، الطبعة الثانية، ٢٠٢٤).

البريد الإلكتروني للمؤلف
زيارة الموقع الإلكتروني للمؤلف

https://www.ipra.org/news/itle/itl-641-when-the-hackers-come-calling-why-cyber-crisis-communication-is-now-a-boardroom-imperative/

ترجمة وتدقيق صَبَا إبراهيم سعيد

تحذير واجب.

لا يحق نشر أي جزء من منشورات ميديا & PR، أو اختزان مادته بطريقة الاسترجاع، أو نقله على أي نحو، سواء إلكترونياً أو ميكانيكياً أو خلاف ذلك دون الاشارة الى المصدر، تحت طائلة المساءلة القانونية

يرجى التواصل لطلب إذن الاستخدام:

info@ipra-ar.org

Follow IPRA:

اتصل بنا

Mobile1 : +961-70043459
Mobile2 : +963-116122067
Fax :+963-0116117020
Email :ingo@ipra-ar.org